٥٩٦ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ صَلَّى فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَخَلَعَ النَّاسُ نِعَالَهُمْ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُمْ: لِمَ خَلَعْتُمْ قَالُوا: رَأَيْنَاك خَلَعْت فَخَلَعْنَا، فَقَالَ: إنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ بِهِمَا خَبَثًا، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيُقَلِّبْ نَعْلَيْهِ وَلْيَنْظُرْ فِيهِمَا، فَإِنْ رَأَى فَلْيَمْسَحْهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد)
ــ
[نيل الأوطار]
مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ الزُّهْرِيِّ، لَكِنْ فِيهَا أَبُو عِصْمَةَ وَقَدْ اُتُّهِمَ بِالْكَذِبِ انْتَهَى. إذَا تَقَرَّرَ لَك مَا سُقْنَاهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَمَا فِيهَا فَاعْلَمْ أَنَّهَا لَا تَقْصُرُ عَنْ إفَادَةِ وُجُوبِ تَطْهِيرِ الثِّيَابِ، فَمَنْ صَلَّى وَعَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ كَانَ تَارِكًا لِوَاجِبٍ، وَأَمَّا أَنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ كَمَا هُوَ شَأْنُ فِقْدَانِ شَرْطِ الصِّحَّةِ فَلَا لِمَا عَرَفْت. وَمِنْ فَوَائِدِ حَدِيثَيْ الْبَابِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَى الْمَظِنَّةِ لِأَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ مَظِنَّةٌ لِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، فَأَرْشَدَ الشَّارِعُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْعَمَلُ بِالْمَئِنَّةِ دُونَ الْمَظِنَّةِ. وَمِنْ فَوَائِدِهِمَا كَمَا قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ: طَهَارَةُ رُطُوبَةِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ هُنَا أَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُ ثَوْبَهُ مِنْ الْجِمَاعِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ لَوْ غَسَلَهُ لَنُقِلَ.
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الذَّكَرَ يَخْرُجُ وَعَلَيْهِ رُطُوبَةٌ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ انْتَهَى.
٥٩٦ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ صَلَّى فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَخَلَعَ النَّاسُ نِعَالَهُمْ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُمْ: لِمَ خَلَعْتُمْ قَالُوا: رَأَيْنَاك خَلَعْت فَخَلَعْنَا، فَقَالَ: إنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ بِهِمَا خَبَثًا، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيُقَلِّبْ نَعْلَيْهِ وَلْيَنْظُرْ فِيهِمَا، فَإِنْ رَأَى فَلْيَمْسَحْهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ، وَاخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ، وَرَجَّحَ أَبُو حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ الْمَوْصُولَ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَإِسْنَادَاهُمَا ضَعِيفَانِ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ مَعْلُولٌ أَيْضًا، قَالَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ.
قَوْلُهُ (فَأَخْبَرَنِي) فِيهِ جَوَازُ تَكْلِيمِ الْمُصَلِّي وَإِعْلَامِهِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِ الصَّلَاةِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ.
قَوْلُهُ: (خَبَثًا) فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَهُوَ مَا تَكْرَهُهُ الطَّبِيعَةُ مِنْ نَجَاسَةٍ وَمُخَاطٍ وَمَنِيٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَالْحَدِيثُ قَدْ عَرَفْت مِمَّا سَلَفَ أَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ كَمَا عَرَّفْنَاك عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ، لِأَنَّ اسْتِمْرَارَهُ عَلَى الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّاهَا قَبْلَ خَلْعِ النَّعْلِ وَعَدَمِ اسْتِئْنَافِهِ لَهَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ كَوْنِ الطَّهَارَةِ شَرْطًا. وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الشَّيْءُ الْمُسْتَقْذَرُ كَالْمُخَاطِ وَالْبُصَاقِ وَنَحْوِهِمَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ نَجِسًا، وَبِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ دَمًا يَسِيرًا مَعْفُوًّا عَنْهُ وَإِخْبَارُ جِبْرِيلَ لَهُ بِذَلِكَ لِئَلَّا تَتَلَوَّثَ ثِيَابُهُ بِشَيْءٍ مُسْتَقْذَرٍ. وَيُرَدُّ هَذَا الْجَوَابُ بِمَا قَالَهُ فِي الْبَارِعِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: ٦] أَنَّهُ كَنَّى بِالْغَائِطِ عَنْ الْقَذَرِ.
وَقَوْلُ الْأَزْهَرِيِّ: النَّجَسُ: الْخَارِجُ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ فَجَعْلُهُ الْمُسْتَقْذَرَ غَيْرَ نَجِسٍ أَوْ نَجِسٍ مَعْفُوٌّ عَنْهُ تَحَكُّمٌ. وَإِخْبَارُ جِبْرِيلَ فِي حَالِ الصَّلَاةِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّجَاسَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute