٦١٦ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .
ــ
[نيل الأوطار]
تَعْظِيمِهِ وَالِافْتِتَانِ بِهِ، وَرُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى الْكُفْرِ كَمَا جَرَى لِكَثِيرٍ مِنْ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ، وَلَمَّا احْتَاجَتْ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ إلَى الزِّيَادَةِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ وَامْتَدَّتْ الزِّيَادَةُ إلَى أَنْ دَخَلَتْ بُيُوتَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فِيهِ.
وَفِيهَا حُجْرَةُ عَائِشَةَ مَدْفِنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبَيْهِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بَنَوْا عَلَى الْقَبْرِ حِيطَانًا مُرْتَفِعَةً مُسْتَدِيرَةً حَوْلَهُ لِئَلَّا يَظْهَرَ فِي الْمَسْجِدِ فَيُصَلِّيَ إلَيْهِ الْعَوَامُّ وَيُؤَدِّي إلَى الْمَحْذُورِ، ثُمَّ بَنَوْا جِدَارَيْنِ مِنْ رُكْنَيْ الْقَبْرِ الشَّمَالِيَّيْنِ حَرَّفُوهُمَا حَتَّى الْتَقَيَا حَتَّى لَا يَتَمَكَّنَ أَحَدٌ مِنْ اسْتِقْبَالِ الْقَبْرِ.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ كَانَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَبْلَ الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ، وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ الْوَعِيدَ عَلَى مَنْ كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لِقُرْبِ الْعَهْدِ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَهُوَ تَقْيِيدٌ بِلَا دَلِيلٍ، لِأَنَّ التَّعْظِيمَ وَالِافْتِتَانَ لَا يَخْتَصَّانِ بِزَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: «كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» فِي حَدِيثِ الْبَابِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ بِلَفْظِ «الْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ» أَنَّ مَحِلَّ الذَّمِّ عَلَى ذَلِكَ أَنْ تُتَّخَذَ الْمَسَاجِدُ عَلَى الْقُبُورِ بَعْدَ الدَّفْنِ، لَا لَوْ بُنِيَ الْمَسْجِدُ أَوَّلًا وَجُعِلَ الْقَبْرُ فِي جَانِبِهِ لِيُدْفَنَ فِيهِ وَاقِفُ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرُهُ فَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي ذَلِكَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَأَنَّهُ إذَا بُنِيَ الْمَسْجِدُ لِقَصْدِ أَنْ يُدْفَنَ فِي بَعْضِهِ أَحَدٌ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي اللَّعْنَةِ بَلْ يَحْرُمُ الدَّفْنُ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يُدْفَنَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ لِمُخَالَفَتِهِ وَقْفَهُ مَسْجِدًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى. وَاسْتَنْبَطَ الْبَيْضَاوِيُّ مِنْ عِلَّةِ التَّعْظِيمِ جَوَازَ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ فِي جِوَارِ الصُّلَحَاءِ لِقَصْدِ التَّبَرُّكِ دُونَ التَّعْظِيمِ. وَرُدَّ بِأَنَّ قَصْدَ التَّبَرُّكِ تَعْظِيمٌ.
الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ. وَعَنْ الْبَرَاءِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد. وَعَنْ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ أَيْضًا وَالنَّسَائِيُّ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ أَيْضًا. وَعَنْ أَنَسٍ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ. وَعَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ. وَعَنْ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيِّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَيْضًا.
وَفِي إسْنَادِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَوَثَّقَهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ. وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ أَحْمَدَ.
وَفِي إسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَلَهُ حَدِيثٌ آخَرُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ. وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ، وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ. وَعَنْ يَعِيشَ الْجُهَنِيِّ الْمَعْرُوفِ بِذِي الْغُرَّةِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ، وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ.
قَوْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute