٦١٦ - (وَعَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ وَهُوَ يَقُولُ «إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، إنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ)
ــ
[نيل الأوطار]
الصَّلَاةِ فِي الْبُيُوتِ إذْ الْمَوْتَى لَا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ وَهِيَ الْقُبُورُ قَالَ: فَأَمَّا جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي الْمَقَابِرِ أَوْ الْمَنْعُ مِنْهُ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ. قَالَ الْحَافِظُ: إنْ أَرَادَ لَا يُؤْخَذُ بِطَرِيقِ الْمَنْطُوقِ فَمُسَلَّمٌ، وَإِنْ أَرَادَ نَفْيَ ذَلِكَ مُطْلَقًا فَلَا، وَقِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا تَجْعَلُوا الْبُيُوتَ وَطَنَ النَّوْمِ فَقَطْ لَا تُصَلُّونَ فِيهَا فَإِنَّ النَّوْمَ أَخُو الْمَوْتِ، وَالْمَيِّتُ لَا يُصَلِّي. وَقِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ فِي بَيْتِهِ جَعَلَ نَفْسَهُ كَالْمَيِّتِ وَبَيْتَهُ كَالْقَبْرِ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ «مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ، وَالْبَيْتُ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ كَمِثْلِ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ» .
قَالَ الْخَطَّابِيِّ: وَأَمَّا مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ دَفْنِ الْمَوْتَى فِي الْبُيُوتِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، فَقَدْ دُفِنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِهِ الَّذِي كَانَ يَسْكُنُهُ أَيَّامَ حَيَاتِهِ وَتَعَقَّبَهُ الْكَرْمَانِيُّ بِأَنْ قَالَ: لَعَلَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يُدْفَنُونَ حَيْثُ يَمُوتُونَ كَمَا رَوَى ذَلِكَ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ فِيهِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى مُرْسَلَةٌ. قَالَ الْحَافِظُ: فَإِذَا حُمِلَ دَفْنُهُ فِي بَيْتِهِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ لَمْ يَبْعُدْ نَهْيُ غَيْرِهِ عَنْ ذَلِكَ، بَلْ هُوَ مُتَّجِهٌ لِأَنَّ اسْتِمْرَارَ الدَّفْنِ فِي الْبُيُوتِ رُبَّمَا صَيَّرَهَا مَقَابِرَ، فَتَصِيرُ الصَّلَاةُ فِيهَا مَكْرُوهَةً.
وَلَفْظُ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: " لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ " فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ الدَّفْنِ فِي الْبُيُوتِ مُطْلَقًا انْتَهَى. وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ بِتَرْجَمَةِ الْبَابِ بِقَوْلِهِ بَابُ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقَابِرِ إلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَقَدِّمِ لِمَا لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطِهِ.
٦١٥ - (وَعَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ وَهُوَ يَقُولُ «إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، إنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ أَيْضًا.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَالنَّسَائِيُّ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ، وَلَهُ حَدِيثٌ آخَرُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَالنَّسَائِيُّ. وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ أَيْضًا. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ أَيْضًا. وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَعَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ الْبَزَّارِ أَيْضًا، وَعِنْدَ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ أَيْضًا.
وَفِي إسْنَادِهِ عُمَرُ بْنُ شَعْبَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَعَنْ جَابِرٍ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ اتِّخَاذِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصُّلَحَاءِ مَسَاجِدَ.
قَالَ الْعُلَمَاءُ: إنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ اتِّخَاذِ قَبْرِهِ وَقَبْرِ غَيْرِهِ مَسْجِدًا خَوْفًا مِنْ الْمُبَالَغَةِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute