٦١٣ - (وَعَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُصَلُّوا إلَى الْقُبُورِ وَلَا تَجْلِسُوا عَلَيْهَا» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَابْنَ مَاجَهْ)
٦١٤ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ)
ــ
[نيل الأوطار]
الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الصَّلَاةِ إلَى الْقُبُورِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ وَعَلَى مَنْعِ الْجُلُوسِ عَلَيْهَا، وَظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ. وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرِ أَخِيهِ» .
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْقُعُودُ عَلَيْهَا وَنَحْوُهُ، قَالَ: وَإِنَّمَا النَّهْيُ عَنْ الْقُعُودِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْقُبُورُ وَيَضْطَجِعُ عَلَيْهَا وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخَا زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ كَانَ يَجْلِسُ عَلَى الْقُبُورِ، وَقَالَ: إنَّمَا ذَلِكَ لِمَنْ أَحْدَثَ عَلَيْهَا.
وَفِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ عَلَى الْقُبُورِ وَقَدْ صَحَّتْ الْأَحَادِيثُ الْقَاضِيَةُ بِالْمَنْعِ وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مُعَارِضًا لِلثَّابِتِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِلَفْظِ «نَهَى أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ وَيُبْنَى عَلَيْهِ وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُوطَأَ» وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بِدُونِ الْكِتَابَةِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: الْكِتَابَةُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالْجُلُوسُ لَا يَكُونُ غَالِبًا إلَّا مَعَ الْوَطْءِ.
٦١٤ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ) .
قَوْلُهُ: (مِنْ صَلَاتِكُمْ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَالْمُرَادُ النَّوَافِلُ بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: «إذَا قَضَى أَحَدُكُمْ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلَاتِهِ» وَقَدْ حَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَعْنَاهُ اجْعَلُوا بَعْضَ فَرَائِضِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لِيَقْتَدِيَ بِكُمْ مَنْ لَا يَخْرُجُ إلَى الْمَسْجِدِ مِنْ نِسْوَةٍ وَغَيْرِهِنَّ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُحْتَمِلًا لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الرَّاجِحُ، وَقَدْ بَالَغَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الْفَرِيضَةِ.
قَوْلُهُ (وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا) لِأَنَّ الْقُبُورَ لَيْسَتْ بِمَحِلٍّ لِلْعِبَادَةِ، وَقَدْ اسْتَنْبَطَ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ كَرَاهِيَةَ الصَّلَاةِ فِي الْمَقَابِرِ، وَنَازَعَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ: وَالْحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي الْقَبْرِ لَا فِي الْمَقَابِرِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ قَدْ وَرَدَ بِلَفْظِ الْمَقَابِرِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: " لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ " وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: تَأَوَّلَهُ الْبُخَارِيُّ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقَابِرِ، وَتَأَوَّلَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا فِيهِ النَّدْبُ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute