للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

إذَا كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ نَشَرَ أَصَابِعَهُ» وَقَدْ تَفَرَّدَ بِإِخْرَاجِ هَذَا اللَّفْظِ الْآخَرِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ الْيَمَانِ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سِمْعَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ: قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سِمْعَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا» وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ الْيَمَانِ وَأَخْطَأَ يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سِمْعَانَ قَالَ: سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا» قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ الْيَمَانِ وَحَدِيثُ يَحْيَى بْنِ الْيَمَانِ خَطَأٌ انْتَهَى كَلَامُ التِّرْمِذِيِّ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قَالَ أَبِي: يَحْيَى إنَّمَا أَرَادَ «كَانَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا» كَذَا رَوَاهُ الثِّقَاتُ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. قَوْلُهُ: (مَدًّا) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُنْتَصِبًا عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، وَهُوَ يَمُدَّهُمَا مَدًّا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُنْتَصِبًا عَلَى الْحَالِيَّةِ أَيْ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي حَالِ كَوْنِهِ مَادًّا لَهُمَا إلَى رَأْسِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مُنْتَصِبًا بِقَوْلِهِ رَفَعَ لِأَنَّ الرَّفْعَ بِمَعْنَى الْمَدِّ وَأَصْلُ الْمَدِّ فِي اللُّغَةِ الْجَرُّ قَالَهُ الرَّاغِبُ. وَالِارْتِفَاعُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَمَدُّ النَّهَارِ: ارْتِفَاعُهُ وَلَهُ مَعَانٍ أُخَرُ ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْقَامُوسِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ فَسَّرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْمَدَّ الْمَذْكُورَ فِي الْحَدِيثِ بِمَدِّ الْيَدَيْنِ فَوْقَ الْأُذُنَيْنِ مَعَ الرَّأْسِ انْتَهَى. وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُقَابِلُ النَّشْرَ الْمَذْكُورَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّ النَّشْرَ تَفْرِيقٌ الْأَصَابِعِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ. وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: إنَّهَا أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ

وَحَكَى النَّوَوِيُّ أَيْضًا عَنْ دَاوُد إيجَابَهُ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ قَالَ: وَبِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ وَالنَّيْسَابُورِيّ مِنْ أَصْحَابِنَا أَصْحَابِ الْوُجُوهِ. وَقَدْ اُعْتُذِرَ لَهُ عَنْ حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ أَوَّلًا وَحِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي الْوُجُوبِ ثَانِيًا بِأَنَّ الِاسْتِحْبَابَ لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ أَوْ بِأَنَّهُ أَرَادَ إجْمَاعَ مِنْ قِبَلِ الْمَذْكُورِينَ أَوْ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عِنْدَهُ عَنْهُمْ وَلَمْ يَتَفَرَّدْ النَّوَوِيُّ بِحِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ فَقَدْ رَوَى الْإِجْمَاعَ عَلَى الرَّفْعِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ابْنُ حَزْمٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ السُّبْكِيّ. وَكَذَا حَكَى الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ قَالَ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَمِمَّنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ أَيْضًا الْأَوْزَاعِيُّ وَالْحُمَيْدِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا، نَقَلَهُ عَنْهُ الْحَاكِمُ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيِّ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كُلُّ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ الْإِيجَابُ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْحُمَيْدِيُّ. قَالَ الْحَافِظُ: وَنَقَلَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَأْثَم تَارِكُهُ، وَنَقَلَ الْقَفَّالُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَيَّارٍ أَنَّهُ يَجِبُ وَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ وَلَا دَلِيلَ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>