للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

عَلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالتَّرْكِ نَعَمْ مَنْ ذَهَبَ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ إلَى أَنَّ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى الْفِعْلِ تُفِيدُ الْوُجُوبَ قَالَ بِهِ هُنَا. وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْعَبْدَرِيُّ عَنْ الزَّيْدِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَلَا عِنْدَ غَيْرِهَا اهـ.

وَهُوَ غَلَطٌ عَلَى الزَّيْدِيَّةِ، فَإِنَّ إمَامَهُمْ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ الْمَشْهُورِ بِالْمَجْمُوعِ حَدِيثَ الرَّفْعِ. وَقَالَ بِاسْتِحْبَابِهِ، وَكَذَا أَكَابِرُ أَئِمَّتِهِمْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ صَرَّحُوا بِاسْتِحْبَابِهِ، وَلَمْ يَقُلْ بِتَرْكِهِ مِنْهُمْ إلَّا الْهَادِي يَحْيَى بْنُ الْحُسَيْنِ، وَرُوِيَ مِثْل قَوْلِهِ عَنْ جَدِّهِ الْقَاسِمِ بْنِ إبْرَاهِيمَ.

وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا الْقَوْلُ بِاسْتِحْبَابِهِ

وَرَوَى صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ. وَحَكَاهُ الْبَاجِيَّ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ مُتَقَدِّمِيهِمْ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ الْقَوْلُ بِاسْتِحْبَابِ الرَّفْعِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَإِنَّمَا حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ عَنْ مَالِكٍ تَرْكَ الرَّفْعِ فِيهِمَا إلَّا ابْنُ الْقَاسِمِ. احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِالِاسْتِحْبَابِ بِالْأَحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ عَنْ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ مِنْ الصَّحَابَةِ حَتَّى قَالَ الشَّافِعِيُّ: رَوَى الرَّفْعَ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ لَعَلَّهُ لَمْ يُرْوَ حَدِيثٌ قَطُّ بِعَدَدٍ أَكْثَرَ مِنْهُمْ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ: رَوَى الرَّفْعَ تِسْعَ عَشَرَةَ نَفْسًا مِنْ الصَّحَابَةِ.

وَسَرَدَ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ وَفِي الْخِلَافِيَّاتِ أَسْمَاءُ مَنْ رَوَى الرَّفْعَ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ صَحَابِيًّا. وَقَالَ: سَمِعْت الْحَاكِمَ يَقُولُ: اتَّفَقَ عَلَى رِوَايَةِ هَذِهِ السُّنَّةِ الْعَشَرَةُ الْمَشْهُودُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ. قَالَ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا: وَلَا يُعْلَمُ سُنَّةٌ اتَّفَقَ عَلَى رِوَايَتِهَا الْعَشَرَةُ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ عَلَى تَفَرُّقِهِمْ فِي الْأَقْطَارِ الشَّاسِعَةِ غَيْرَ هَذِهِ السُّنَّةِ وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ الْأَعْرَجِ قَالَ: أَدْرَكْت النَّاسَ كُلَّهُمْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ: قَالَ الْحَسَنُ وَحُمَيْدَ بْنُ هِلَالٍ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ وَلَمْ يَسْتَثْنِ أَحَدًا مِنْهُمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ. وَجَمَعَ الْعِرَاقِيُّ عَدَدَ مَنْ رَوَى رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ فَبَلَغُوا خَمْسِينَ صَحَابِيًّا مِنْهُمْ الْعَشَرَةُ الْمَشْهُودُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ. قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَذَكَرَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ أَنَّهُ تَتَبَّعَ مَنْ رَوَاهُ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَبَلَغُوا خَمْسِينَ رَجُلًا وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ بِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد. قَالَ «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ اُسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ» وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ وَرَدَ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ فَإِنَّ مُسْلِمًا رَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: «كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَأَشَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>