للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

فَقَدْ صَحَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَصَحَّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ: لَا يُسْتَحَبُّ فِي غَيْرِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ مَالِكٍ، وَاحْتَجُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ بِلَفْظِ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ إلَى قَرِيبٍ مِنْ أُذُنَيْهِ ثُمَّ لَمْ يَعُدْ» وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْهُ وَقَدْ اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ أَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ لَمْ يَعُدْ مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ مِنْ قَوْلِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ. وَقَدْ رَوَاهُ بِدُونِ ذَلِكَ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَخَالِدٌ الطَّحَّانُ وَزُهَيْرٌ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْحُفَّاظِ. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ إنَّمَا رَوَى هَذِهِ الزِّيَادَةَ يَزِيدُ، وَيَزِيدُ يَزِيدُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا يَصِحُّ، وَكَذَا ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ وَيَحْيَى وَالدَّارِمِيُّ وَالْحُمَيْدِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى: سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: هَذَا حَدِيثٌ وَاهٍ. وَكَانَ يَزِيدُ يُحَدِّثُ بِهِ بُرْهَةً مِنْ دَهْرِهِ لَا يَقُولُ فِيهِ ثُمَّ لَا يَعُودُ فَلَمَّا لَقَّنُوهُ يَعْنِي أَهْلَ الْكُوفَةِ تَلَقَّنَ وَكَانَ يَذْكُرُهَا، وَهَكَذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. وَقَالَ الْبَزَّارُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ " ثُمَّ لَمْ يَعُدْ ": لَا يَصِحُّ.

وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إنْ صَحَّ قَوْلُهُ لَا يَعُودُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ

وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَلْقَمَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «لَأُصَلِّيَنَّ لَكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى فَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً» وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ «صَلَّيْت مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَلَمْ يَرْفَعُوا أَيْدِيَهُمْ إلَّا عِنْدَ الِاسْتِفْتَاحِ» . وَهَذَا الْحَدِيثُ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَلَكِنَّهُ عَارَضَ هَذَا التَّحْسِينَ وَالتَّصْحِيحَ قَوْلُ ابْنِ الْمُبَارَكِ: لَمْ يَثْبُت عِنْدِي. وَقَوْلُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ: هَذَا حَدِيثٌ خَطَأٌ، وَتَضْعِيفُ أَحْمَدَ وَشَيْخُهُ يَحْيَى بْن آدَمَ لَهُ، وَتَصْرِيحُ أَبِي دَاوُد بِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَقَوْلُ الدَّارَقُطْنِيّ: إنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ، وَقَوْلُ ابْنِ حِبَّانَ: هَذَا أَحْسَنُ خَبَرٍ رَوَى أَهْلُ الْكُوفَةِ فِي نَفْيِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ أَضْعَفُ شَيْءٍ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ عِلَلًا تُبْطِلُهُ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ إنَّمَا طَعَنُوا كُلُّهُمْ فِي طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، أَمَّا طُرُقُ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ فَذَكَرَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَقَالَ عَنْ أَحْمَدَ: مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ لَا شَيْءَ وَلَا يُحَدِّثُ عَنْهُ إلَّا مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ.

وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ بِلَفْظِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْفَعُ يَدَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ ثُمَّ لَا يَعُودُ» قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ مَغْلُوبٌ مَوْضُوعٌ، وَاحْتَجُّوا أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>