. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْفَعُ يَدَيْهِ كُلَّمَا رَكَعَ وَكُلَّمَا رَفَعَ ثُمَّ صَارَ إلَى افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ» حَكَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَقَالَ: لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا أَعْرِفُ مَنْ رَوَاهُ وَالصَّحِيحُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافُهُ وَرَوَوْا نَحْوَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا أَعْرِفُ مَنْ رَوَاهُ، وَالصَّحِيحُ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ خِلَافُهُ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَمَا أَبْلَدَ مَنْ يَحْتَجُّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَعَارَضِ بِهَا الْأَحَادِيثُ الثَّابِتَةُ انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى عَلَى الْمُنْصِفِ أَنَّ هَذِهِ الْحُجَجَ الَّتِي أَوْرَدُوهَا مِنْهَا مَا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَهُوَ مَا عَدَا حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْهَا كَمَا بَيَّنَّا، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ تَحْسِينِ التِّرْمِذِيِّ وَتَصْحِيحِ ابْنِ حَزْمٍ لَهُ، وَلَكِنْ أَيْنَ يَقَعُ هَذَا التَّحْسِينُ وَالتَّصْحِيحُ مِنْ قَدْحِ أُولَئِكَ الْأَئِمَّةِ الْأَكَابِرِ فِيهِ، غَايَةُ الْأَمْرِ وَنِهَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ مُوجِبًا لِسُقُوطِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ، ثُمَّ لَوْ سَلَّمْنَا صِحَّةَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَمْ نَعْتَبِرْ بِقَدَحِ أُولَئِكَ الْأَئِمَّةِ فِيهِ فَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْمُثْبِتَةِ لِلرَّفْعِ فِي الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ مِنْهُ تَعَارُضٌ لِأَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ لِلزِّيَادَةِ الَّتِي لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَزِيدِ، وَهِيَ مَقْبُولَةٌ بِالْإِجْمَاعِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَاتَّفَقَ عَلَى إخْرَاجِهَا الْجَمَاعَةُ، فَمِنْ جُمْلَةِ مَنْ رَوَاهَا ابْنُ عُمَرَ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ. وَعُمَرُ كَمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَعَلِيٌّ وَسَيَأْتِي وَوَائِلُ بْنُ حُجْرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ مَاجَهْ وَمَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَسَيَأْتِي. وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ. وَأَبُو هُرَيْرَةَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ أَيْضًا وَأَبِي دَاوُد. وَأَبُو أَسِيد وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمَةَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ. وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ وَجَابِرٌ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ. وَعُمَيْرٌ اللَّيْثِيُّ عِنْد ابْنِ مَاجَهْ أَيْضًا. وَابْنِ عَبَّاس عِنْد ابْنِ مَاجَهْ أَيْضًا. وَلَهُ طَرِيق أُخْرَى عِنْد أَبِي دَاوُد، فَهَؤُلَاءِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْ الصَّحَابَة وَمَعَهُمْ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ فِي عَشَرَة مِنْ الصَّحَابَة كَمَا سَيَأْتِي فَيَكُونُ الْجَمِيع خَمْسَة وَعِشْرِينَ أَوْ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ إنْ كَانَ أَبُو أَسِيد وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةُ مِنْ الْعَشَرَةِ الْمُشَارِ إلَيْهِمْ فِي رِوَايَةِ أَبِي حُمَيْدٍ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، فَهَلْ رَأَيْت أَعْجَبَ مِنْ مُعَارَضَةِ رِوَايَةِ مِثْلِ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ السَّابِقِ مَعَ طَعْنِ أَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ الْمُعْتَبَرِينَ فِيهِ مَعَ وُجُودِ مَانِعٍ عَنْ الْقَوْلِ بِالْمُعَارَضَةِ، وَهُوَ تَضَمُّنُ رِوَايَةِ الْجُمْهُورِ لِلزِّيَادَةِ كَمَا تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ: (فِي حَدِيثِ الْبَابِ حَتَّى يَكُونَا بِحَذْوِ مَنْكِبَيْهِ) وَهَكَذَا فِي رِوَايَةِ عَلِيٍّ وَأَبِي حُمَيْدٍ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُمَا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ.
وَفِي حَدِيثِ مَالِك بْنِ الْحُوَيْرِثِ الْآتِي حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ. وَعِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: حَتَّى يُحَاذِيَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ الْمَنْكِبَيْنِ وَبِأَطْرَافِ أَنَامِلِهِ الْأُذُنَيْنِ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْ وَائِلٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد بِلَفْظِ «حَتَّى كَانَتَا حِيَالَ مَنْكِبَيْهِ وَحَاذَى بِإِبْهَامَيْهِ أُذُنَيْهِ» . وَأَخْرَجَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute