٦٨٣ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وَتَبَارَكَ اسْمُك، وَتَعَالَى جَدُّك، وَلَا إلَهَ غَيْرُك» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ مِثْلُهُ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ، وَلِلْخَمْسَةِ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَجْهَرُ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: يَقُولُ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وَتَبَارَكَ اسْمُك، وَتَعَالَى جَدُّك، وَلَا إلَهَ غَيْرُك، وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَابْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَقَالَ الْأَسْوَدُ: كَانَ عُمَرُ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وَتَبَارَكَ اسْمُك، وَتَعَالَى جَدُّك، وَلَا إلَهَ غَيْرُك يُسْمِعُنَا ذَلِكَ وَيُعَلِّمُنَا. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ)
ــ
[نيل الأوطار]
وَمَا بَعْدَهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَنَصْبِ الْهَمْزَةِ وَرَفْعِهَا وَالنَّصْبُ أَشْهَرُ، قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَرَجَّحَهُ ابْنُ خَالَوَيْهِ وَأَطْنَبَ فِي الِاسْتِدْلَالِ وَجَوَّزَ الرَّفْعَ عَلَى أَنَّهُ مَرْجُوحٌ وَحُكِيَ عَنْ الزَّجَّاجِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الرَّفْعُ وَلَا يَجُوزُ غَيْرُهُ، وَبَالِغَ فِي إنْكَارِ النَّصْبِ. وَاَلَّذِي تَقْتَضِيه الْقَوَاعِدُ النَّحْوِيَّةُ هُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ خَالَوَيْهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْنَاهُ حَمْدًا لَوْ كَانَ أَجْسَامًا لَمَلَأَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَهَكَذَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ، وَصَرَّحَ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ. قَوْلُهُ: (وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ) وَذَلِكَ كَالْكُرْسِيِّ وَالْعَرْشِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْهُ إلَّا اللَّهُ، وَالْمُرَادُ الِاعْتِنَاءُ فِي تَكْثِيرِ الْحَمْدِ. قَوْلُهُ: (وَصَوَّرَهُ) زَادَ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد «فَأَحْسَنَ صُوَرَهُ» وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر: ٦٤] . قَوْلُهُ: (وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ) رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد " فَشَقَّ " قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: قَالَ الْإِمَامُ: يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ الْأُذُنَانِ مِنْ الْوَجْهِ وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ (فَتَبَارَكَ) هَكَذَا رِوَايَةُ ابْنِ حِبَّانَ وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ بِدُونِ الْفَاءِ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد بِالْوَاوِ
قَوْلُهُ: (أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) أَيْ الْمُصَوِّرِينَ وَالْمُقَدِّرِينَ. وَالْخَلْق فِي اللُّغَة الْفِعْلُ الَّذِي يُوجِدُهُ فَاعِلُهُ مُقَدَّرًا لَهُ لَا عَنْ سَهْوٍ وَغَفْلَةٍ، وَالْعَبْدُ قَدْ يُوجَدُ مِنْهُ ذَلِكَ. قَالَ الْكَعْبِيُّ: لَكِنْ لَا يُطْلَقُ الْخَالِقُ عَلَى الْعَبْدِ إلَّا مُقَيَّدًا كَالرَّبِّ. قَوْلُهُ (مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت) الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَا أَخَّرْت إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا وَقَعَ مِنْ ذُنُوبِهِ الْمُتَأَخِّرَةِ لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ قَبْلَ الذَّنْبِ مُحَالٌ كَذَا قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيِّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْمُحَالُ إنَّمَا هُوَ طَلَبُ مَغْفِرَتِهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ، وَأَمَّا الطَّلَبُ قَبْلَ الْوُقُوعِ أَنْ يَغْفِرَ إذَا وَقَعَ فَلَا اسْتِحَالَةَ فِيهِ. قَوْلُهُ (وَمَا أَسْرَرْت وَمَا أَعْلَنْت) أَيْ جَمِيعَ الذُّنُوبِ لِأَنَّهَا إمَّا سِرٌّ أَوْ عَلَنٌ. قَوْلُهُ: (وَمَا أَسْرَفْت) الْمُرَادُ الْكَبَائِرُ لِأَنَّ الْإِسْرَافَ: الْإِفْرَاطُ فِي الشَّيْءِ وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِيهِ. قَوْله: (وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي) أَيْ مِنْ ذُنُوبِي وَإِسْرَافِي فِي أُمُورِي وَغَيْرِ ذَلِكَ
قَوْلُهُ: (أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَدَّمَ مَنْ شَاءَ بِالتَّوْفِيقِ إلَى مَقَامَاتِ السَّابِقِينَ، وَأَخَّرَ مَنْ شَاءَ عَنْ مَرَاتِبِهِمْ، وَقِيلَ: قَدَّمَ مَنْ أَحَبَّ مِنْ أَوْلِيَائِهِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ عَبِيدِهِ، وَأَخَّرَ مَنْ أَبْعَدَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا مُقَدِّمَ لِمَا أَخَّرَ وَلَا مُؤَخِّرَ لِمَا قَدَّمَ. قَوْلُهُ: (لَا إلَه إلَّا أَنْتَ) أَيْ لَيْسَ لَنَا مَعْبُودٌ نَتَذَلَّلُ لَهُ وَنَتَضَرَّعُ إلَيْهِ فِي غُفْرَانِ ذُنُوبِنَا إلَّا أَنْتَ. الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الِاسْتِفْتَاحِ بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا لِقَوْمٍ لَا يَرَوْنَ التَّطْوِيلَ.
وَفِيهَا اسْتِحْبَابُ الذِّكْرِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالِاعْتِدَالِ وَالدُّعَاءِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَفِيهِ الدُّعَاءُ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِ الْقُرْآنِ وَالرَّدُّ عَلَى الْمَانِعِينَ مِنْ ذَلِكَ وَهُمْ الْحَنَفِيَّةُ وَالْهَادَوِيَّةُ
٦٨٣ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وَتَبَارَكَ اسْمُك، وَتَعَالَى جَدُّك، وَلَا إلَهَ غَيْرُك» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute