للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ. وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ مِنْ رِوَايَةِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِفَاطِمَةَ: «قُومِي فَاشْهَدِي أُضْحِيَّتَك وَقُولِي: {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} [الأنعام: ١٦٢] إلَى قَوْلِهِ {وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: ٩٠] » فَدَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ. قَوْلُهُ: (ظَلَمْت نَفْسِي) اعْتِرَافٌ بِمَا يُوجِبُ نَقْصَ حَظِّ النَّفْسِ مِنْ مُلَابَسَةِ الْمَعَاصِي تَأَدُّبًا، وَأَرَادَ بِالنَّفْسِ هُنَا الذَّاتَ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى الرُّوحِ

قَوْلُهُ: (لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ) أَيْ لِأَكْمَلِهَا وَأَفْضَلِهَا. قَوْلُهُ: (سَيِّئَهَا) أَيْ قَبِيحُهَا. قَوْلُهُ: (لَبَّيْكَ) هُوَ مَنْ أَلَبَ بِالْمَكَانِ إذَا قَامَ بِهِ، وَثُنِّيَ هَذَا الْمَصْدَرُ مُضَافًا إلَى الْكَافِ وَأَصْلُ لَبَّيْكَ لَبَّيْنِ فَحَذَفَ النُّونَ لِلْإِضَافَةِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَمَعْنَاهُ. أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِك إقَامَةً بَعْدَ إقَامَةٍ. قَوْلُهُ: (وَسَعْدَيْكَ) قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: مَعْنَاهُ مُسَاعَدَةً لِأَمْرِك بَعْدَ مُسَاعَدَةٍ وَمُتَابَعَةً لِدِينِك بَعْدَ مُتَابَعَةٍ

قَوْلُهُ: (وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْك) زَادَ الشَّافِعِيُّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ " وَالْمَهْدِيِّ مَنْ هَدَيْت ". قَالَ الْخَطَّابِيَّ وَغَيْرُهُ: فِيهِ الْإِرْشَادُ إلَى الْأَدَبِ فِي الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ وَمَدْحِهِ بِأَنْ يُضَافَ إلَيْهِ مَحَاسِنُ الْأُمُورِ دُونَ مُسَاوِيهَا عَلَى جِهَةِ الْأَدَبِ. قَوْلُهُ: (وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك) قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ وَالنُّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ وَالْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ: مَعْنَاهُ لَا يَتَقَرَّبُ بِهِ إلَيْك، رَوَى ذَلِكَ النَّوَوِيُّ عَنْهُمْ. وَهَذَا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ الْمُزَنِيّ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا يُضَافُ إلَيْك عَلَى انْفِرَادِهِ لَا يُقَالُ يَا خَالِقُ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ وَيَا رَبَّ الشَّرِّ وَنَحْوَ هَذَا وَإِنْ كَانَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَحِينَئِذٍ يَدْخُلُ الشَّرُّ فِي الْعُمُومِ. وَالثَّالِثُ مَعْنَاهُ: وَالشَّرُّ لَا يَصْعَدُ إلَيْك وَإِنَّمَا يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ. وَالرَّابِعُ: مَعْنَاهُ وَالشَّرُّ لَيْسَ شَرًّا بِالنِّسْبَةِ إلَيْك فَإِنَّك خَلَقْته بِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ شَرٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَخْلُوقِينَ. وَالْخَامِسُ حَكَاهُ: أَنَّهُ كَقَوْلِك فُلَانٌ إلَى بَنِي فُلَانٍ إذَا كَانَ عِدَادُهُ فِيهِمْ

حَكَى هَذِهِ الْأَقْوَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَقَالَ: إنَّهُ مِمَّا يَجِبُ تَأْوِيلُهُ لِأَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ كُلَّ الْمُحْدَثَاتِ فِعْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَخَلْقُهُ سَوَاءٌ خَيْرُهَا وَشَرُّهَا ا. هـ.

وَفِي الْمَقَامِ كَلَامٌ طَوِيلٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ. قَوْلُهُ: (أَنَا بِك وَإِلَيْك) أَيْ الْتِجَائِي وَانْتِمَائِي إلَيْك وَتَوْفِيقِي بِك قَالَهُ النَّوَوِيُّ. قَوْلُهُ: (تَبَارَكْت) قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: تَبَارَكَ الْعِبَادُ بِتَوْحِيدِك وَقِيلَ: ثَبَتَ الْخَيْرُ عِنْدَك. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: اسْتَحْقَقْت الثَّنَاءَ. قَوْلُهُ: (خَشَعَ لَك) أَيْ خَضَعَ وَأَقْبَلَ عَلَيْك مِنْ قَوْلِهِمْ خَشَعَتْ الْأَرْضُ إذَا سَكَنَتْ وَاطْمَأَنَّتْ. قَوْلُهُ: (وَمُخِّي) قَالَ ابْنِ رَسْلَانَ: الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الدِّمَاغُ وَأَصْلُهُ الْوَدَكُ الَّذِي فِي الْعَظْمِ وَخَالِصُ كُلِّ شَيْءٍ مُخُّهُ. قَوْلُهُ: (وَعَصَبِي) الْعَصَبُ طُنُبُ الْمَفَاصِلِ وَهُوَ أَلْطَفُ مِنْ الْعَظْمِ، زَادَ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ " وَشَعْرِي " وَالْجُمْهُورُ عَلَى تَضْعِيفِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ. وَزَادَ النَّسَائِيّ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ «وَدَمِي وَلَحْمِي» زَادَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»

قَوْلُهُ: (مِلْءَ السَّمَوَاتِ) هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>