٦٨٦ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: «سَمِعَنِي أَبِي وَأَنَا أَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إيَّاكَ وَالْحَدَثَ، قَالَ: وَلَمْ أَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا كَانَ أَبْغَضَ إلَيْهِ حَدَثًا فِي الْإِسْلَامِ مِنْهُ، فَإِنِّي صَلَّيْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَ عُمَرَ وَمَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقُولُهَا فَلَا تَقُلْهَا إذَا أَنْتَ قَرَأْت فَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَبَا دَاوُد)
ــ
[نيل الأوطار]
عَلَى ذِكْرِ الرَّسْمِ وَإِنْ زَالَتْ الْعِلَّةُ، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْهَرُ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَهْزَءُونَ بِمُكَاءٍ وَتَصَدِّيَةٍ وَيَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ يَذْكُرُ إلَهَ الْيَمَامَةِ. وَكَانَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ يُسَمَّى رَحْمَنٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} [الإسراء: ١١٠] فَتُسْمِعَ الْمُشْرِكِينَ فَيَهْزَءُوا بِك {وَلا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: ١١٠] عَنْ أَصْحَابِك فَلَا تُسْمِعَهُمْ» رَوَاهُ جُبَيْرٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرَهُ النَّيْسَابُورِيُّ فِي التَّيْسِيرِ وَهَذَا جَمْعٌ حَسَنٌ إنْ صَحَّ أَنَّ هَذَا كَانَ السَّبَبَ فِي تَرْكِ الْجَهْرِ. وَقَدْ قَالَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: إنَّ رِجَالَهُ مُوَثَّقُونَ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْهَرُ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَارَةً وَيُخْفِيهَا أَكْثَرَ مِمَّا جَهَرَ بِهَا، وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَجْهَرُ بِهَا دَائِمًا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ أَبَدًا حَضَرًا وَسَفَرًا، وَيَخْفَى ذَلِكَ عَلَى خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ وَعَلَى جُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَأَهْلِ بَلَدِهِ فِي الْأَعْصَارِ الْفَاضِلَةِ هَذَا مِنْ أَمْحَلَ الْمُحَالِ حَتَّى يُحْتَاجَ إلَى التَّشَبُّثِ فِيهِ بِأَلْفَاظٍ مُجْمَلَةٍ وَأَحَادِيثَ وَاهِيَةٍ فَصَحِيحٌ تِلْكَ الْأَحَادِيثُ غَيْرُ صَرِيحٍ، وَصَرِيحُهَا غَيْرُ صَحِيحٍ انْتَهَى.
وَحُجَجُ بَقِيَّةِ الْأَقْوَالِ الَّتِي فِيهَا التَّفْصِيلُ فِي الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ وَجَوَازُ الْأَمْرَيْنِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ فَلَا نُطَوِّلُ بِذِكْرِهَا. وَأَمَّا أَدِلَّةُ الْمُثْبِتِينَ لِقُرْآنِيَّةِ الْبَسْمَلَةِ وَالنَّافِينَ لِقُرْآنِيَّتِهَا فَيَأْتِي ذِكْرُ طَرَفٍ مِنْهَا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ طَوِيلَةُ الذَّيْلِ، وَقَدْ أَفْرَدَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ بِتَصَانِيفَ مُسْتَقِلَّةٍ وَمِنْ آخِرِ مَا وَقَعَ رِسَالَةٌ جَمَعْتهَا فِي أَيَّامِ الطَّلَبِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى نَظْمٍ وَنَثْرٍ أَجَبْت بِهَا عَلَى سُؤَالٍ وَرَدَ، وَأَجَابَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ فَلْنَقْتَصِرْ فِي هَذَا الشَّرْحِ عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ وَإِنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ التَّطْوِيلِ نَزْرًا يَسِيرًا وَلَكِنَّهُ لَا يَقْصُرُ عَنْ إفَادَةِ الْمُنْصِفِ مَا هُوَ الصَّوَابُ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَأَكْثَرُ مَا فِي الْمَقَامِ الِاخْتِلَافُ فِي مُسْتَحَبٍّ أَوْ مَسْنُونٍ فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْجَهْرِ وَتَرْكِهِ يَقْدَحُ فِي الصَّلَاةِ بِبُطْلَانِ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يَهُولَنك تَعْظِيمُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ لِشَأْنِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْخِلَافُ فِيهَا وَلَقَدْ بَالَغَ بَعْضُهُمْ حَتَّى عَدَّهَا مِنْ مَسَائِلِ الِاعْتِقَادِ
٦٨٦ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: «سَمِعَنِي أَبِي وَأَنَا أَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إيَّاكَ وَالْحَدَثَ، قَالَ: وَلَمْ أَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا كَانَ أَبْغَضَ إلَيْهِ حَدَثًا فِي الْإِسْلَامِ مِنْهُ، فَإِنِّي صَلَّيْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَ عُمَرَ وَمَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقُولُهَا فَلَا تَقُلْهَا إذَا أَنْتَ قَرَأْت فَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَبَا دَاوُد) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute