(وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: «سُئِلَ أَنَسٌ كَيْفَ كَانَ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالَ: كَانَتْ مَدًّا ثُمَّ قَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَمُدُّ بِبَسْمِ اللَّهِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)
ــ
[نيل الأوطار]
الْحَدِيثُ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ الْجُرَيْرِيِّ وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ اخْتَلَطَ بِآخِرَهِ، وَقَدْ تُوبِعَ عَلَيْهِ الْجُرَيْرِيِّ كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ أَيْضًا مِنْ أَفْرَادِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَعَلَيْهِ مَدَارُهُ وَذَكَرِ أَنَّ اسْمَهُ يَزِيدُ وَهُوَ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ مَا رُوِيَ عَنْهُ إلَّا أَبُو نَعَامَةَ، وَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ، وَرَوَاهُ إسْمَاعِيلَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِي عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي نَعَامَةَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْجُرَيْرِيِّ وَإِسْمَاعِيلُ هُوَ الْجَحْدَرِيُّ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوق. وَرَوَى عَنْهُ النَّسَائِيّ، فَعُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ مُتَابِعٌ لِلْجَرِيرِيِّ وَقَدْ وَثَّقَ عُثْمَانُ أَحْمَدَ وَيَحْيَى وَرَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَقَالَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَا يَرُدُّ عَلَى هَؤُلَاءِ الْحُفَّاظِ قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ: إنَّهُ حَسَنٌ اهـ.
وَسَبَبُ تَضْعِيفِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ جَهَالَةِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَالْمَجْهُولُ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ. قَالَ أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ: وَالْحَدِيثُ عِنْدِي لَيْسَ مُعَلَّلًا بِغَيْرِ الْجَهَالَةِ فِي ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن مُغَفَّلٍ وَهِيَ جَهَالَةٌ حَالِيَّةٌ لَا عَيْنِيَّةٌ لِلْعِلْمِ بِوُجُودِهِ فَقَدْ كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ سَبْعَةُ أَوْلَادٍ سَمَّى هَذَا مِنْهُمْ يَزِيدُ وَمَا رُمِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إلَّا أَبُو نَعَامَةَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَسْتُورِ. قَالَ: وَلَيْسَ فِي رُوَاةِ هَذَا الْخَبَر مَنْ يُتَّهَمُ بِكَذِبٍ فَهُوَ جَارِي عَلَى رَسْمِ الْحَسَنِ عِنْدَهُ. وَأَمَّا تَعْلِيلُهُ بِجَهَالَةِ الْمَذْكُورِ فَمَا أَرَاهُ يُخْرِجُهُ عَنْ رَسْمِ الْحَسَنِ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَلَا غَيْرِهِ. وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَكُلٌّ حَسَنٌ كَذَلِكَ
وَالْحَدِيثُ اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِتَرْكِ قِرَاءَةِ الْبَسْمَلَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْقَائِلُونَ بِتَرْكِ الْجَهْرِ بِهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمَعْنَى قَوْلِهِ: " لَا تَقُلْهَا " وَقَوْلُهُ: " لَا يَقْرَءُونَهَا " أَوْ لَا يَذْكُرُونَهَا وَلَا يَسْتَفْتِحُونَ بِهَا أَيْ جَهْرًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةٍ تَقَدَّمَتْ " وَلَا يَجْهَرُونَ بِهَا " وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى قِرَاءَتِهِمْ لَهَا سِرًّا انْتَهَى. وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا
٦٨٧ - (وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: «سُئِلَ أَنَسٌ كَيْفَ كَانَ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالَ: كَانَتْ مَدًّا ثُمَّ قَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَمُدُّ بِبَسْمِ اللَّهِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِدُونِ ذِكْرِ الْبَسْمَلَةِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ قِرَاءَةِ الْبَسْمَلَةِ وَعَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَمُدُّ قِرَاءَتَهُ فِي الْبَسْمَلَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِاسْتِحْبَابِ الْجَهْرِ بِقِرَاءَةِ الْبَسْمَلَةِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ كَوْنَ قِرَاءَتِهِ كَانَتْ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهَا أَنَسٌ تَسْتَلْزِمُ سَمَاعَ أَنَسٍ لَهَا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا سُمِعَ مَجْهُورٌ بِهِ وَلَمْ يَقْتَصِرْ أَنَسٌ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَارِجَ الصَّلَاةِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ مُطْلَقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute