٦٩٥ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يَخْرُجَ فَيُنَادِيَ لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَمَا زَادَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد)
ــ
[نيل الأوطار]
قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ
وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ عَنْهُ بِأَنَّ الْخِدَاجَ مَعْنَاهُ النَّقْصُ وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْبُطْلَانَ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الصَّلَاةَ النَّاقِصَةَ لَا تُسَمَّى صَلَاةً حَقِيقَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَدِلَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ.
٦٩٥ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يَخْرُجَ فَيُنَادِيَ لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَمَا زَادَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّسَائِيّ قَالَ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَأَحْمَدُ قَالَ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَابْنُ عَدِيٍّ قَالَ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ فِي الضُّعَفَاءِ. وَلَكِنَّهُ يَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ مَا عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ بِلَفْظِ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَصَاعِدًا» وَإِنْ كَانَ قَدْ أَعَلَّهَا الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَيَشْهَدُ لَهُ أَيْضًا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد بِلَفْظِ: «أُمِرْنَا أَنْ نَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَمَا تَيَسَّرَ» قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَالَ الْحَافِظُ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَيَشْهَدُ لَهُ أَيْضًا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ بِلَفْظِ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ» وَقَدْ تَقَدَّمَ تَضْعِيفُ الْحَافِظِ لَهُ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ لَا تَقْصُرُ عَنْ الدَّلَالَةِ عَلَى وُجُوبِ قُرْآنٍ مَعَ الْفَاتِحَةِ وَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ السُّورَةِ مَعَ الْفَاتِحَةِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ وَالْأُولَيَيْنِ مِنْ كُلِّ الصَّلَوَاتِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وُجُوبَ السُّورَةِ. قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ شَاذٌّ مَرْدُودٌ. وَأَمَّا السُّورَةُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ فَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَاسْتَحَبَّهُ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ الْجَدِيدِ دُونَ الْقَدِيمِ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى إيجَابِ قُرْآنٍ مَعَ الْفَاتِحَةِ عُمَرُ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَالْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ
وَقَدَّرَهُ الْهَادِي بِثَلَاثِ آيَاتٍ، قَالَ الْقَاسِمُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ: أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ، وَالظَّاهِرُ مَا ذَهَبُوا إلَيْهِ مِنْ إيجَابِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ، وَأَمَّا التَّقْدِيرُ بِثَلَاثِ آيَاتٍ فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ إلَّا تَوَهُّمَ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَا دُونَ ذَلِكَ قُرْآنًا لِعَدَمِ إعْجَازِهِ كَمَا قَالَ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ، وَهُوَ فَاسِدٌ لِصِدْقِ الْقُرْآنِ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ لِأَنَّهُ جِنْسٌ وَأَيْضًا الْمُرَادُ وَمَا يُسَمَّى قُرْآنًا لَا مَا يُسَمَّى مُعْجِزًا وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ التَّقْدِيرُ بِالْآيَةِ الطَّوِيلَةِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْمُصَرَّحُ فِيهِ بِذِكْرِ السُّورَةِ صَحِيحًا لَكَانَ مُفَسِّرًا لِلْمُبْهَمِ فِي الْأَحَادِيثِ مِنْ قَوْلِهِ: " فَمَا زَادَ " وَقَوْلِهِ: " فَصَاعِدًا " وَقَوْلِهِ: " وَمَا تَيَسَّرَ " وَلَكَانَ دَالًّا عَلَى وُجُوبِ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا عَرَفْت. وَقَدْ عُورِضَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ بِمَا فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ " فِي كُلِّ صَلَاةٍ يَقْرَأُ فَمَا أَسْمَعَنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute