٦٩٤ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَقَدْ سَبَقَ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ)
ــ
[نيل الأوطار]
وَأَبِي سَعِيدٍ بِهَذَا اللَّفْظِ
وَظَاهِرُ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ وُجُوبُ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَبَيْنَ إسْرَارِ الْإِمَامِ وَجَهْرِهِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ وَمِنْ جُمْلَةِ الْمُؤَيِّدَاتِ لِوُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ صَلَّى رَكْعَةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَلَمْ يُصَلِّ إلَّا وَرَاءَ الْإِمَامِ» وَذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالْهَادِي وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَدَاوُد وَإِسْحَاقُ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الصَّلَاةِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَقُرْآنٍ مَعَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي أَيِّ رَكْعَةٍ أَوْ مُفَرَّقَةً. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالنَّاصِرُ: إنَّ الْوَاجِبَ الْقِرَاءَةُ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، لَكِنْ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ لِلْفَاتِحَةِ كَمَا سَلَفَ عَنْهُ. وَأَمَّا الْأُخْرَيَانِ فَلَا تَتَعَيَّنُ الْقِرَاءَةُ فِيهِمَا عِنْدَهُمْ بَلْ إنْ شَاءَ قَرَأَ وَإِنْ شَاءَ سَبَّحَ زَادَ أَبُو حَنِيفَةَ وَإِنْ شَاءَ سَكَتَ
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ الْفَاتِحَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً بِالْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ فَإِنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ لِلصَّلَاةِ هُوَ جَمِيعُهَا لَا بَعْضُهَا. وَقَدْ عَرَفْت الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهَا فِي الْأُولَيَيْنِ فَقَطْ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَسَبَّحَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِتَعَيُّنِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ هَلْ تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ نَسِيَهَا فَذَهَبَتْ الشَّافِعِيَّةُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إنْ نَسِيَهَا فِي رَكْعَةٍ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ نَسِيَهَا فِي رَكْعَةٍ مَنْ صَلَّى ثُلَاثِيَّةً أَوْ رُبَاعِيَّةً فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يُعِيدُهَا وَلَا تُجْزِئُهُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنْ يُعِيدَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ. وَمُقْتَضَى الشَّرْطِيَّةِ الَّتِي نَبَهْنَاك عَلَى صَلَاحِيَةِ الْأَحَادِيثِ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهَا أَنَّ النَّاسِيَ يُعِيدُ الصَّلَاةَ كَمَنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ نَاسِيًا وَاخْتُلِفَ هَلْ تَجِبُ الْقِرَاءَةُ بِزِيَادَةٍ عَلَى الْفَاتِحَةِ أَوْ لَا؟ وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ
٦٩٤ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَقَدْ سَبَقَ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ. وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِيهِ مَقَالٌ مَشْهُورٌ، وَلَكِنَّهُ يَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ إلَّا الْبُخَارِيَّ بِلَفْظِ: «مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ» وَتَقَدَّمَ هُنَالِكَ أَيْضًا ضَبْطُ الْخِدَاجِ وَتَفْسِيرُهُ. وَيَشْهَدُ لَهُ أَيْضًا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَرْفُوعًا بِلَفْظِ «كُلُّ صَلَاةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ» . وَالْحَدِيثُ احْتَجَّ بِهِ الْجُمْهُورُ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute