. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
أَبُو بَكْرٍ» وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ فِيهِ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ رُوِيَ هَذَا الْكَلَامُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَيْسٌ قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: هُوَ مِمَّنْ اعْتَرَاهُ مِنْ ضَعْفِ الرِّوَايَةِ وَسُوءِ الْحِفْظِ بِوِلَايَةِ الْقَضَاءِ مَا اعْتَرَى ابْنَ أَبِي لَيْلَى وَشَرِيكًا، وَقَدْ وَثَّقَهُ قَوْمٌ وَضَعَّفَهُ آخَرُونَ، عَلَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ قِرَاءَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْفَاتِحَةَ بِكَمَالِهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الرَّكْعَةِ الَّتِي أَدْرَكَ أَبَا بَكْرٍ فِيهَا، لِأَنَّ النِّزَاعَ إنَّمَا هُوَ فِي وُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ لَا فِي وُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَسَيَأْتِي
هَذَا خُلَاصَةُ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْمُعَارَضَاتِ وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّكْعَةَ تُسَمَّى صَلَاةً، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قِرَاءَتَهَا فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ تَقْتَضِي حُصُولَ مُسَمَّى الْقِرَاءَةِ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ وَإِطْلَاقُ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْبَعْضِ مَجَازٌ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا لِمُوجَبٍ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ إلَّا أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ اسْمٌ لِجَمِيعِ الرَّكَعَاتِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِنْ دَلَّ دَلِيلٌ خَارِجِيٌّ عَلَى وُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، وَقَدْ نَسَبَ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَالْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ إلَى الْجُمْهُورِ
وَرَوَاهُ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَلِيٍّ وَجَابِرٍ وَعَنْ ابْنِ عَوْنٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ، قَالَ: وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ وَدَاوُد، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ إلَّا فِي النَّاسِي، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْإِمَامُ شَرَفُ الدِّينِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، قَالَ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ: إنَّ الظَّاهِرَ مَعَ مَنْ ذَهَبَ إلَى إيجَابِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ بِمَا وَقَعَ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ «قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُسِيءِ: ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» بَعْدَ أَنْ أَمَرَهُ بِالْقِرَاءَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَابْنِ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي قِصَّةِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ: «ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ» . وَقَدْ نَسَبَ صَاحِبُ ضَوْءِ النَّهَارِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ إلَى الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ وَهُوَ وَهْمٌ وَاَلَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»
وَهَذَا الدَّلِيلُ إذَا ضَمَمْتَهُ إلَى مَا أَسْلَفْنَا لَك مِنْ حَمْلِ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ «ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ» عَلَى الْفَاتِحَةِ لِمَا تَقَدَّمَ انْتَهَضَ ذَلِكَ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَكَانَ قَرِينَةً لِحَمْلِ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ «ثُمَّ كَذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاتِك فَافْعَلْ» عَلَى الْمَجَازِ وَهُوَ الرَّكْعَةُ وَكَذَلِكَ حُمِلَ: «لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» عَلَيْهِ. وَيُؤَيِّدُ وُجُوبَ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ بِلَفْظِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِالْحَمْدُ وَسُورَةٍ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا» . قَالَ الْحَافِظُ: وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ أَيْضًا بِلَفْظِ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ» رَوَاهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ الشَّاكَنْجِيُّ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي فِي التَّفْتِيحِ: رَوَاهُ إسْمَاعِيلُ هَذَا وَهُوَ صَاحِبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute