للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

قَتَادَةَ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ لَمْ يُتَابَعْ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ فِيهَا عَنْ قَتَادَةَ، وَخَالَفَهُ الْحُفَّاظُ فَلَمْ يَذْكُرُوهَا قَالَ: وَإِجْمَاعُهُمْ عَلَى مُخَالِفَتِهِ يَدُلُّ عَلَى وَهْمِهِ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَلَمْ يُؤْثَرْ عِنْدَ مُسْلِمٍ تَفَرُّدُ سُلَيْمَانَ بِذَلِكَ لِثِقَتِهِ وَحِفْظِهِ وَصَحَّحَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ يَعْنِي مُسْلِمًا. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ صَاحِبُ مُسْلِمٍ: قَالَ أَبُو بَكْرِ ابْنُ أُخْتِ أَبِي النَّضْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِمُسْلِمٍ أَيْ طَعَنَ فِيهِ فَقَالَ مُسْلِمٌ: يَزِيدُ أَحْفَظُ مِنْ سُلَيْمَانَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هُوَ صَحِيحٌ يَعْنِي «فَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي صَحِيحٌ فَقَالَ: لِمَ لَمْ تَضَعْهُ هَهُنَا؟ فَقَالَ: لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ عِنْدِي صَحِيحٌ وَضَعْته هَهُنَا إنَّمَا وَضَعْت هَهُنَا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ، فَقَدْ صَحَّحَ مُسْلِمٌ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ

قَوْلُهُ: «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» مَعْنَاهُ أَنَّ الِائْتِمَامَ يَقْتَضِي مُتَابَعَةَ الْمَأْمُومِ لِإِمَامِهِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْمُقَارَنَةُ وَالْمُسَابَقَةُ وَالْمُخَالَفَةُ إلَّا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ عَلَيْهِ كَصَلَاةِ الْقَائِمِ خَلْفَ الْقَاعِدِ وَنَحْوِهَا. وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الِاخْتِلَافِ بِخُصُوصِهِ بِقَوْلِهِ: " لَا تَخْتَلِفُوا ". قَوْلُهُ: (فَكَبِّرُوا) جَزَمَ ابْنُ بَطَّالٍ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ وَمُقْتَضَاهُ الْأَمْرُ بِأَنَّ أَفْعَالَ الْمَأْمُومِ تَقَعُ عَقِبَ فِعْلِ الْإِمَامِ فَلَوْ سَبَقَهُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لَهُ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ وَتُعُقِّبَ الْقَوْلُ بِالتَّعْقِيبِ بِأَنَّ فَاءَهُ هِيَ الْعَاطِفَةُ وَأَمَّا الَّتِي هُنَا فَهِيَ لِلرَّبْطِ فَقَطْ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ جَوَابًا لِلشَّرْطِ فَعَلَى هَذَا لَا يَقْتَضِي تَأْخِيرُ أَفْعَالِ الْمَأْمُومِ عَنْ الْإِمَامِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ الشَّرْطِ عَلَى الْجَزَاءِ. وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: إنَّ الْجَزَاءَ يَكُونُ مَعَ الشَّرْطِ فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا الْمُقَارَنَةُ

قَوْلُهُ: «فَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» احْتَجَّ بِذَلِكَ الْقَائِلُونَ أَنَّ الْمُؤْتَمَّ لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ وَهُمْ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَأَحْمَدُ وَمَالِكٌ وَالْحَنَفِيَّةُ. لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَالُوا: لَا يُقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ لَا فِي سِرِّيَّةٍ وَلَا فِي جَهْرِيَّةٍ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ الْآتِي وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ كَمَا سَتَعْرِفُ ذَلِكَ. وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ أَنَّ الْمُؤْتَمَّ لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الْجَهْرِيَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ إلَى وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْمُؤْتَمِّ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْجَهْرِيَّةِ وَالسِّرِّيَّةِ سَوَاءٌ سَمِعَ الْمُؤْتَمُّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ أَمْ لَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ النَّاصِرُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الْآتِي

وَأَجَابُوا عَنْ أَدِلَّةِ أَهْلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهَا عُمُومَاتٌ وَحَدِيثُ عُبَادَةَ خَاصٌّ وَبِنَاءُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَاجِبٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ وَهَذَا لَا مَحِيصَ عَنْهُ. وَيُؤَيِّدُهُ الْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ الْقَاضِيَةُ بِوُجُوبِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ عَنْ عُهْدَتِهَا إنَّمَا تَحْصُلُ بِنَاقِلٍ صَحِيحٍ لَا بِمِثْلِ هَذِهِ الْعُمُومَاتِ الَّتِي اقْتَرَنَتْ بِمَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهَا. وَقَدْ أَجَابَ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ «مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ» وَهِيَ مِنْ مُعَارَضَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>