للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٩٧ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ «هَلْ قَرَأَ مَعِي أَحَدٌ مِنْكُمْ آنِفًا؟» فَقَالَ رَجُلٌ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِنِّي أَقُولُ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ» ، قَالَ: فَانْتَهَى النَّاسُ عَنْ الْقِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الصَّلَوَاتِ بِالْقِرَاءَةِ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ) .

ــ

[نيل الأوطار]

الْعَامِّ بِالْخَاصِّ، وَهُوَ لَا يُعَارِضُهُ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّهُ يُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ مُطْلَقًا وَهُوَ الْحَقُّ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْعَامَّ الْمُتَأَخِّرَ عَنْ الْخَاصِّ نَاسِخٌ لَهُ وَإِنَّمَا يُخَصَّصُ الْمُقَارَنُ وَالْمُتَأَخِّرُ بِمُدَّةٍ لَا تَتَّسِعُ لِلْعَمَلِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا، لِأَنَّ عُبَادَةَ رَوَى الْعَامَّ وَالْخَاصَّ فِي حَدِيثِهِ الْآتِي فَهُوَ مِنْ التَّخْصِيصِ بِالْمُقَارَنِ فَلَا تَعَارُضَ فِي الْمَقَامِ عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ

وَمِنْ جُمْلَةِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ السُّكُوتِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الْجَهْرِيَّةِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ " مَنْ صَلَّى رَكْعَةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَلَمْ يُصَلِّ إلَّا وَرَاءَ الْإِمَامِ " وَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ مَرْفُوعٍ مَفْهُومٌ لَا يُعَارَضُ بِمِثْلِهِ مَنْطُوقُ حَدِيثِ عُبَادَةَ. وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الشَّافِعِيَّةُ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ هَلْ تَكُونُ عِنْدَ سَكَتَاتِ الْإِمَامِ أَوْ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ أَنَّهَا تُقْرَأُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ وَفِعْلُهَا حَالَ سُكُوتِ الْإِمَامِ إنْ أَمْكَنَ أَحْوَطُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَهْلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ فَاعِلُ ذَلِكَ آخِذًا بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا اعْتِيَادُ قِرَاءَتِهَا حَالَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ لِلْفَاتِحَةِ فَقَطْ أَوْ حَالَ قِرَاءَتِهِ لِلسُّورَةِ فَقَطْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ بَلْ الْكُلُّ جَائِزٌ وَسُنَّةٌ، نَعَمْ حَالَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ لِلْفَاتِحَةِ مُنَاسِبٌ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى تَأْخِيرِ الِاسْتِعَاذَةِ عَنْ مَحِلِّهَا الَّذِي هُوَ بَعْدَ التَّوَجُّهِ، أَوْ تَكْرِيرِهَا عِنْدَ إرَادَةِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ إنْ فَعَلَهَا فِي مَحِلِّهَا أَوَّلًا وَأَخَّرَ الْفَاتِحَةَ إلَى حَالِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ لِلسُّورَةِ. وَمِنْ جِهَةِ الِاكْتِفَاءِ بِالتَّأْمِينِ مَرَّةً وَاحِدَةً عِنْدَ فَرَاغِهِ وَفَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ قِرَاءَتِهِ الْفَاتِحَةَ إنْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ فِي التَّمَامِ بِخِلَافِ مَنْ أَخَّرَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ إلَى حَالِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ لِلسُّورَةِ

وَقَدْ بَالَغَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فَصَرَّحَ بِأَنَّهُ إذَا اتَّفَقَتْ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي آيَةٍ خَاصَّةٍ مِنْ آيِ الْفَاتِحَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَرَوَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْبَيَانِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْوُجُوهِ مِنْهُمْ وَهُوَ مِنْ الْفَسَادِ بِمَكَانٍ يُغْنِي عَنْ رَدِّهِ.

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ. وَقَوْلُهُ: " فَانْتَهَى النَّاسُ عَنْ الْقِرَاءَةِ " مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ كَمَا بَيَّنَهُ الْخَطِيبُ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ وَأَبُو دَاوُد وَيَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ وَالذُّهْلِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَهُمْ. قَوْلُهُ: (مَا لِي أُنَازَعُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ لِلْمُتَكَلِّمِ وَفَتْحِ الزَّايِ مُضَارِعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>