٧٢٠ - (وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ فُلَانٍ لِإِمَامٍ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ سُلَيْمَانُ: فَصَلَّيْتُ خَلْفَهُ، فَكَانَ يُطِيلُ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ وَيُخَفِّفُ الْآخِرَتَيْنِ، وَيُخَفِّفُ الْعَصْرَ، وَيَقْرَأُ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَيَقْرَأُ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْعِشَاءِ مِنْ وَسَطِ الْمُفَصَّلِ، وَيَقْرَأُ فِي الْغَدَاةِ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ)
ــ
[نيل الأوطار]
بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي فَقَالَ فِي الْفَتْحِ: إنَّ قِصَّةَ مُعَاذٍ كَانَتْ فِي الْعِشَاءِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَتِهِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي تَعْيِينِ الصَّلَاةِ وَتَعْيِينِ السُّورَةِ الَّتِي قَرَأَهَا مُعَاذٌ فِي بَابِ انْفِرَادِ الْمُؤْتَمِّ لِعُذْرٍ. وَلَفْظُ الْحَدِيثِ فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ جَابِرٌ: «أَقْبَلَ رَجُلٌ بِنَاضِحَيْنِ وَقَدْ جَنَحَ اللَّيْلُ فَوَافَقَ مُعَاذًا يُصَلِّي فَتَرَكَ نَاضِحَيْهِ وَأَقْبَلَ إلَى مُعَاذٍ فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ وَبَلَغَهُ أَنَّ مُعَاذًا نَالَ مِنْهُ فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَشَكَا إلَيْهِ مُعَاذًا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. قَوْلُهُ: (فَلَوْلَا صَلَّيْتَ) أَيْ فَهَلَّا صَلَّيْتَ. قَوْلُهُ: (أَفَتَّانٌ أَنْتَ أَوْ قَالَ أَفَاتِنٌ) قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لِلشَّكِّ مِنْ الرَّاوِي لَا مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى كَمَا زَعَمَ بَعْضُهُمْ لِمَا تَحَلَّتْ بِهِ صِيغَةُ فَعَّالٍ مِنْ الْمُبَالَغَةِ الَّتِي خَلَتْ عَنْهَا صِيغَةُ فَاعِلٍ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقِرَاءَةِ فِي الْعِشَاءِ بِأَوْسَاطِ الْمُفَصَّلِ كَمَا حَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الْعُلَمَاءِ. وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّخْفِيفِ لِلْإِمَامِ لِمَا بَيَّنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ مُعَاذٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ بِلَفْظِ «فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ» وَفِي لَفْظٍ لَهُ «فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ» . قَالَ أَبُو عُمَرَ: التَّخْفِيفُ لِكُلِّ إمَامٍ أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ مَنْدُوبٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ إلَيْهِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ أَقَلُّ الْكَمَالِ وَأَمَّا الْحَذْفُ وَالنُّقْصَانُ فَلَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ نَهَى عَنْ نَقْرِ الْغُرَابِ وَرَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ فَقَالَ لَهُ «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» وَقَالَ: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إلَى مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ» . وَقَالَ أَنَسٌ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَفَّ النَّاسِ صَلَاةً فِي تَمَامٍ» ، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ: إنَّ التَّخْفِيفَ مِنْ الْأُمُورِ الْإِضَافِيَّةِ فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ خَفِيفًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عَادَةِ قَوْمٍ طَوِيلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عَادَةِ آخَرِينَ اهـ.
وَلَعَلَّهُ يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمَقَامِ مَزِيدُ تَحْقِيقٍ فِي بَابِ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْإِمَامُ مِنْ التَّخْفِيفِ مِنْ أَبْوَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ فِي بَابِ انْفِرَادِ الْمَأْمُومِ لِعُذْرٍ.
وَفِي بَابِ هَلْ يَقْتَدِي الْمُفْتَرِضُ بِالْمُتَنَفِّلِ أَمْ لَا، وَسَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي شَرْحِهِ هُنَالِكَ بَعْضًا مِنْ فَوَائِدِهِ الَّتِي لَمْ يَذْكُرْهَا هَهُنَا
٧٢٠ - (وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ فُلَانٍ لِإِمَامٍ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ سُلَيْمَانُ: فَصَلَّيْتُ خَلْفَهُ، فَكَانَ يُطِيلُ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ وَيُخَفِّفُ الْآخِرَتَيْنِ، وَيُخَفِّفُ الْعَصْرَ، وَيَقْرَأُ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَيَقْرَأُ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْعِشَاءِ مِنْ وَسَطِ الْمُفَصَّلِ، وَيَقْرَأُ فِي الْغَدَاةِ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute