. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
فِي تَسْبِيحِ هَذَا الْمِقْدَارِ وَمِائَةً كَمَا فِي حَدِيثِ مَنْ ذَكَرْنَا فِي تَسْبِيحِ هَذَا الْمِقْدَارِ عِنْدَ مَنْ تَقَدَّمَ. وَأَمَّا التَّحْمِيدُ فَوَرَدَ كَوْنُهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ، وَعَشْرًا وَمِائَةً كَمَا فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَعْدَادِ التَّسْبِيحِ وَعِنْدَ مَنْ رَوَاهَا. وَكُلُّ مَا وَرَدَ مِنْ هَذِهِ الْأَعْدَادِ فَحَسَنٌ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي الْأَخْذُ بِالزَّائِدِ فَالزَّائِدِ
قَوْلُهُ: (فَتِلْكَ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ بَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ثَلَاثِينَ تَسْبِيحَةً وَتَحْمِيدَةً وَتَكْبِيرَةً وَبَعْدَ جَمِيعِ الْخَمْسِ الصَّلَوَاتِ مِائَةً وَخَمْسِينَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا النَّسَائِيّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِنْ حَدِيث سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ بِلَفْظِ «مَا يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُسَبِّحَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا وَيُكَبِّرُ عَشْرًا وَيَحْمَدُ عَشْرًا، فَذَلِكَ فِي خَمْسِ صَلَوَاتٍ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ» ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
قَوْلُهُ: (وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا، فَيَحْصُلُ مِنْ تَضْعِيفِ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ عَشْرَ مَرَّاتٍ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ. قَوْلُهُ: (وَأَلْفٌ بِالْمِيزَانِ) لِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَتَكْرِيرِهِ عَشْرِ مَرَّاتٍ
قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: كَانَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَقُولُ: إنَّ هَذِهِ الْأَعْدَادَ الْوَارِدَةَ عَقِبَ الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْأَذْكَارِ الْوَارِدَةِ فِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إذَا وَرَدَ لَهَا عَدَدٌ مَخْصُوصٌ مَعَ ثَوَابٍ مَخْصُوصٍ فَزَادَ الْآتِي بِهَا فِي أَعْدَادِهَا عَمْدًا لَا يَحْصُلُ ذَلِكَ الثَّوَابُ الْوَارِدُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالْعَدَدِ النَّاقِصِ فَلَعَلَّ لِتِلْكَ الْأَعْدَادِ حِكْمَةٌ وَخَاصِّيَّةٌ تَفُوتُ بِمُجَاوَزَةِ تِلْكَ الْأَعْدَادِ وَتَعَدِّيهَا وَلِذَلِكَ نَهَى عَنْ الِاعْتِدَاءِ فِي الدُّعَاءِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِالْمِقْدَارِ الَّذِي رُتِّبَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ ذَلِكَ الثَّوَابُ، فَلَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ مُزِيلَةً لَهُ بَعْدَ الْحُصُولِ بِذَلِكَ الْعَدَدِ الْوَارِدِ
وَقَدْ وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلُ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزَا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ» الْحَدِيثُ. وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ» وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا وَاضِحٌ فِي الذِّكْرِ الْوَاحِدِ الْوَارِدِ بِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ
وَأَمَّا الْأَذْكَارُ الَّتِي يَعْقُبُ كُلَّ عَدَدٍ مِنْهَا عَدَدٌ مَخْصُوصٌ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ كَالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ عَقِبِ الصَّلَوَاتِ فَقَدْ يُقَالُ إنَّ الزِّيَادَةِ فِي كُلِّ عَدَدِ زِيَادَةٌ لَمْ يَرِدْ بِهَا نَصٌّ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَذْكَارِ وَرُبَّمَا كَانَ لِتِلْكَ الْأَعْدَادِ الْمُتَوَالِيَةِ حِكْمَةٌ خَاصَّةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُزَادَ فِيهَا عَلَى الْعَدَدِ الْمَشْرُوعِ
قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute