٨٠٧ - (وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ الْمُعَلِّمُ الْغِلْمَانَ الْكِتَابَةَ وَيَقُولُ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَعَوَّذُ بِهِنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ)
٨٠٨ - (وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ «إذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ يُسَلِّمُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ)
ــ
[نيل الأوطار]
الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا مُحْتَمَلٌ لَا تَأْبَاهُ النُّصُوصُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ وَفِي التَّعَبُّدِ بِالْأَلْفَاظِ الْوَارِدَةِ فِي الْأَذْكَارِ وَالْأَدْعِيَةِ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْبَرَاءِ: " قُلْ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ " انْتَهَى. وَهَذَا مُسَلَّمٌ فِي التَّعَبُّدِ بِالْأَلْفَاظِ لِأَنَّ الْعُدُولَ إلَى لَفْظٍ آخَرَ لَا يَتَحَقَّقُ مَعَهُ الِامْتِثَالُ. وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الْعَدَدِ فَالِامْتِثَالُ مُتَحَقِّقٌ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ قَدْ حَصَلَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وَقَعَ الْأَمْرُ بِهَا وَكَوْنُ الزِّيَادَةِ مُغَيِّرَةً لَهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ. وَقِيلَ: إنْ نَوَى عِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَيْهِ امْتِثَالَ الْأَمْرِ الْوَارِدِ أَتَى بِالزِّيَادَةِ فَقَدْ حَصَلَ الِامْتِثَالُ، وَإِنْ زَادَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لَمْ يَعُدْ مُمْتَثِلًا
٨٠٧ - (وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ الْمُعَلِّمُ الْغِلْمَانَ الْكِتَابَةَ وَيَقُولُ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَعَوَّذُ بِهِنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .
قَوْلُهُ: (مِنْ الْبُخْلِ) بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَإِسْكَانِ الْخَاءِ مُعْجَمَةً وَبِفَتْحِهَا وَبِضَمِّهَا وَبِفَتْحِ الْبَاءِ وَإِسْكَانِ الْخَاءِ ضِدُّ الْكَرَمِ، ذَكَرَ مَعْنَى ذَلِكَ فِي الْقَامُوسِ، وَقَدْ قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِيث بِمَنْعِ مَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْمَالِ شَرْعًا أَوْ عَادَةً، وَلَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ الْبُخْلَ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ مِنْ غَرَائِزِ النَّقْصِ الْمُضَادَّةِ لِلْكَمَالِ، فَالتَّعَوُّذُ مِنْهَا حَسَنٌ بِلَا شَكٍّ فَالْأَوْلَى تَبْقِيَةُ الْحَدِيثِ عَلَى عُمُومِهِ وَتَرْكُ التَّعَرُّضِ لِتَقْيِيدِهِ بِمَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ
قَوْلُهُ: (وَالْجُبْنُ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَتُضَمُّ: الْمَهَابَةُ لِلْأَشْيَاءِ وَالتَّأَخُّرُ عَنْ فِعْلِهَا، وَإِنَّمَا تَعَوَّذَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ الْوَفَاءِ بِفَرْضِ الْجِهَادِ وَالصَّدْعِ بِالْحَقِّ وَإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ وَيَجُرُّ إلَى الْإِخْلَالِ بِكَثِيرٍ مِنْ الْوَاجِبَاتِ. قَوْلُهُ: (إلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) هُوَ الْبُلُوغُ إلَى حَدٍّ فِي الْهَرَمِ يَعُودُ مَعَهُ كَالطِّفْلِ فِي سَخَفِ الْعَقْلِ وَقِلَّةِ الْفَهْمِ وَضَعْفِ الْقُوَّةِ
قَوْلُهُ: (مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا) هِيَ الِاغْتِرَارُ بِشَهَوَاتِهَا الْمُفْضِي إلَى تَرْكِ الْقِيَامِ بِالْوَاجِبَاتِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ حَدِيثِ التَّعَوُّذِ مِنْ الْأَرْبَعِ، لِأَنَّ فِتْنَةَ الدُّنْيَا هِيَ فِتْنَةُ الْمَحْيَا. قَوْلُهُ: (مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ) قَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي شَرْحِ حَدِيثِ التَّعَوُّذِ مِنْ الْأَرْبَعِ أَيْضًا وَإِنَّمَا خَصَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ بِالتَّعَوُّذِ مِنْهَا لِأَنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى الْهَلَاكِ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَسَبَّبُ عَنْهَا مِنْ الْمَعَاصِي الْمُتَنَوِّعَةِ
٨٠٨ - (وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ «إذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ يُسَلِّمُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute