. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
أُمُّ زِيدَتْ عَلَيْهِ أَلِفُ النُّدْبَةِ لِمَدِّ الصَّوْتِ وَأُرْدِفَتْ بِهَاءِ السَّكْتِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد " أُمِّيَاهُ " بِزِيَادَةِ الْيَاءِ وَأَصْلُهُ أُمِّي زِيدَتْ عَلَيْهِ أَلِفُ النُّدْبَةِ لِذَلِكَ
قَوْلُهُ: (عَلَى أَفْخَاذِهِمْ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ قَبْلَ أَنْ يُشْرَعَ التَّسْبِيحُ لِمَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ، وَلَا يُقَالُ إنَّ ضَرْبَ الْيَدِ عَلَى الْفَخِذِ تَصْفِيقٌ لِأَنَّ التَّصْفِيقَ إنَّمَا هُوَ ضَرْبُ الْكَفِّ عَلَى الْكَفِّ أَوْ الْأَصَابِعِ عَلَى الْكَفِّ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَيَبْعُدُ أَنْ يُسَمَّى مَنْ ضَرَبَ عَلَى فَخِذِهِ وَعَلَيْهَا ثَوْبُهُ مُصَفِّقًا وَلِهَذَا قَالَ: فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ وَلَوْ كَانَ يُسَمَّى هَذَا تَصْفِيقًا لَكَانَ الْأَقْرَبُ فِي اللَّفْظِ أَنْ يَقُولَ يُصَفِّقُونَ لَا غَيْرُ
قَوْلُهُ: (لَكِنِّي سَكَتُّ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: يُرِيدُ لَمْ أَتَكَلَّمْ لَكِنِّي سَكَتُّ وَوُرُودُ لَكِنَّ هُنَا مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَهَا كَلَامٌ مُتَنَاقِضٌ لِمَا بَعْدَهَا نَحْوُ مَا هَذَا سَاكِنًا لَكِنَّهُ مُتَحَرِّكٌ، أَوْ ضِدٌّ لَهُ نَحْوُ مَا هُوَ أَبْيَضُ لَكِنَّهُ أَسْوَدُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ هُنَا فَلَمَّا رَأَيْتهمْ يُسَكِّتُونِي لَمْ أُكَلِّمْهُمْ لَكِنِّي سَكَتُّ فَيَكُونُ الِاسْتِدْرَاكُ لِرَفْعِ مَا تُوُهِّمَ ثُبُوتُهُ مِثْلُ مَا زَيْدٌ شُجَاعًا لَكِنَّهُ كَرِيمٌ، لِأَنَّ الشَّجَاعَةَ وَالْكَرَمَ لَا يَكَادَانِ يَفْتَرِقَانِ فَالِاسْتِدْرَاكُ مِنْ تَوَهُّمِ نَفْيِ كَرَمِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَكِنَّ هُنَا لِلتَّوْكِيدِ نَحْوُ: لَوْ جَاءَنِي أَكْرَمْتُهُ لَكِنَّهُ لَمْ يَجِئْ فَأَكَّدَتْ لَكِنَّ مَا أَفَادَتْهُ لَوْ مِنْ الِامْتِنَاع وَكَذَا فِي الْحَدِيثِ أَكَّدَتْ لَكِنَّ مَا أَفَادَهُ ضَرْبُهُمْ مِنْ تَرْكِ الْكَلَامِ.
قَوْلُهُ: (فَبِأَبِي وَأُمِّي) مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَفْدِيهِ بِأَبِي وَأُمِّي. قَوْلُهُ: (مَا كَهَرَنِي) أَيْ مَا انْتَهَرَنِي وَالْكَهْرُ: الِانْتِهَارُ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَكْهَرْ) وَقِيلَ الْكَهْرُ: الْعُبُوسُ فِي وَجْهِ مَنْ تَلْقَاهُ.
قَوْلُهُ: (إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ) يَعْنِي مُطْلَقَ الصَّلَاةِ فَيَشْمَلُ الْفَرَائِضَ وَغَيْرَهَا. قَوْلُهُ: (لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ) فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (لَا يَحِلُّ) اُسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ سَوَاءٌ كَانَ لِحَاجَةٍ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنْ احْتَاجَ إلَى تَنْبِيهٍ أَوْ إذْنٍ لِدَاخِلٍ سَبَّحَ الرَّجُلُ وَصَفَّقَتْ الْمَرْأَةُ وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ الْأَوْزَاعِيُّ: إنَّهُ يَجُوزُ الْكَلَامُ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ
وَكَلَامُ النَّاسِ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ اسْمُ مَصْدَرٍ يُرَادُ بِهِ تَارَةً: مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ وَتَارَةً يُرَادُ بِهِ: التَّكْلِيمُ لِلْغَيْرِ وَهُوَ الْخِطَابُ لِلنَّاسِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هَهُنَا الثَّانِي بِشَهَادَةِ السَّبَبِ. قَوْلُهُ: (إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ) هَذَا الْحَصْرُ يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى مَنْعِ التَّكَلُّمِ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ تَمَسَّكَتْ بِهِ الطَّائِفَةُ الْقَائِلَةُ بِمَنْعِ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالْهَادَوِيَّةِ
وَيُجَابُ عَنْهُمْ بِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمُثْبِتَةَ لِأَدْعِيَةٍ وَأَذْكَارٍ مَخْصُوصَةٍ فِي الصَّلَاةِ مُخَصِّصَةٌ لِعُمُومِ هَذَا الْمَفْهُومِ، وَبِنَاءُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ مُتَعَيِّنٌ لَا سِيَّمَا بَعْدَمَا تَقَرَّرَ أَنَّ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ كَانَ بِمَكَّةَ كَمَا قَدَّمْنَا، وَأَكْثَرُ الْأَدْعِيَةِ وَالْأَذْكَارِ فِي الصَّلَاةِ كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ
وَقَدْ خَصَّصُوا هَذَا الْمَفْهُومَ بِالتَّشَهُّدِ فَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute