الصَّلَاةَ، فَسَأَلْته فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ وَإِنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ أَنْ لَا نَتَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ)
ــ
[نيل الأوطار]
الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَخْرَجَهَا أَيْضًا أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.
قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَرُدَّ) هُوَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ بِجَوَازِ رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ لَفْظًا وَهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَجَابِرٌ وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَقَتَادَةُ. قَوْلُهُ: (لَشُغْلًا) هَهُنَا مَحْذُوفَةٌ وَالتَّقْدِيرُ: لَشُغْلًا كَافِيًا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْكَلَامِ أَوْ مَانِعًا مِنْ الْكَلَامِ. قَوْلُهُ: (مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ) لَفْظُ أَبِي دَاوُد وَابْنِ حِبَّانَ " مَا قَدُمَ وَمَا حَدُثَ " وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ وَلَفْظِ الْكِتَابِ: اتِّصَالُ الْأَحْزَانِ الْبَعِيدَةِ أَوْ الْمُتَقَدِّمَةِ بِالْقَرِيبَةِ أَوْ الْحَادِثَةِ لِسَبَبِ تَرْكِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَدِّ السَّلَامِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا نَتَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ) لَفْظُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ: " أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ " وَزَادَ: " فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ " يَعْنِي بَعْدَ فَرَاغِهِ. وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ لَا يَرُدَّ السَّلَامَ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَعَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ
قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَرُدَّ السَّلَامَ فِي الصَّلَاةِ بِالْإِشَارَةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّهُ قَالَ: «مَرَرْت بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي فَسَلَّمْت عَلَيْهِ فَرَدَّ إشَارَةً» قَالَ الرَّاوِي عَنْهُ: وَلَا أَعْلَمُهُ إلَّا قَالَ: " إشَارَةً بِأُصْبُعِهِ " وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي بَابِ الْإِشَارَةِ فِي الصَّلَاةِ لِرَدِّ السَّلَامِ.
٨٢٤ - (وَعَنْ «مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيُّ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ، فَقُلْت يَرْحَمُك اللَّهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْت وَا ثُكْلَ أُمَّاهُ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إلَيَّ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يَصْمُتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبِأَبِي وَأُمِّي مَا رَأَيْت مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ فَوَاَللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي قَالَ: إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» ، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَقَالَ: لَا يَحِلُّ مَكَانَ لَا يَصْلُحُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّحْمِيدُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ
قَوْلُهُ: (فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ) أَيْ نَظَرُوا إلَيَّ بِأَبْصَارِهِمْ نَظَرَ مُنْكِرٍ وَلِذَلِكَ اُسْتُعِيرَ لَهُ الرَّمْيُ.
قَوْلُهُ: (وَا ثُكْلَ أُمَّاهُ) وَا: حَرْفٌ لِلنُّدْبَةِ وَثُكْلُ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَة وَإِسْكَانِ الْكَافِ وَبِفَتْحِهِمَا جَمِيعًا لُغَتَانِ كَالْبُخْلِ وَالْبَخَلِ حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ فِقْدَانُ الْمَرْأَةِ وَلَدَهَا وَحُزْنَهَا عَلَيْهِ لِفَقْدِهِ، وَقَوْلُهُ: (أُمَّاهُ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَأَصْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute