للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

سَيَأْتِي

وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ مِنْ التَّابِعِينَ ابْنُ سِيرِينَ وَعُرْوَةُ وَبَقِيَّةُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ كَمَا حَكَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ فِي كِتَابِ السَّبْعَةِ، وَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةُ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ

قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَرَوَيْنَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ هُوَ ابْنُ عُثْمَانَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَجِيءُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ وَيَضَعُ جَنْبَهُ فِي الْأَرْضِ وَيَدْخُلُ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ. وَمِمَّنْ قَالَ بِاسْتِحْبَابِ ذَلِكَ مِنْ الْأَئِمَّةِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ. الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الِاضْطِجَاعَ بَعْدَهُمَا وَاجِبٌ مُفْتَرَضٌ لَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ

وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ وَحَمَلَهُ الْأَوَّلُونَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ: " فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي وَإِلَّا اضْطَجَعَ " وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَضْطَجِعُ مَعَ اسْتِيقَاظِهَا، فَكَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً لِصَرْفِ الْأَمْرِ إلَى النَّدْبِ، وَفِيهِ أَنَّ تَرْكَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا أَمَرَ بِهِ أَمْرٌ خَاصٌّ بِالْأُمَّةِ لَا يُعَارِضُ ذَلِكَ الْأَمْرَ الْخَاصَّ وَلَا يَصْرِفُهُ عَنْ حَقِيقَتِهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ.

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: إنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَبِدْعَةٌ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ فَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا بَالُ الرَّجُلِ إذَا صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ يَتَمَعَّكُ كَمَا تَتَمَعَّكُ الدَّابَّةُ أَوْ الْحِمَارُ، إذَا سَلَّمَ فَقَدْ فَصَلَ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ فَمَا رَأَيْتُهُ اضْطَجَعَ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ

وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَضْطَجِعُ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ فَقَالَ: احْصِبُوهُ. وَرَوَى أَبُو مِجْلَزٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ مِنْ تَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ.

وَفِي رِوَايَةِ زَيْدِ الْعَمِّي عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إنَّهَا بِدْعَةٌ، ذَكَرَ ذَلِكَ جَمِيعَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ

وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ مِنْ التَّابِعِينَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ وَقَالَ: هِيَ ضِجْعَةُ الشَّيْطَانِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمِنْ الْأَئِمَّةِ مَالِكٌ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. الْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لَا يُعْجِبُهُ الِاضْطِجَاعُ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ

الْقَوْلُ الْخَامِسُ: التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَنْ يَقُومُ بِاللَّيْلِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَلَا يُشْرَعُ لَهُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَقَالَ: لَا يَضْطَجِعُ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْر لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَامَ اللَّيْلَ فَيَضْطَجِعُ اسْتِجْمَامًا لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَا بَأْسَ. وَيَشْهَد لِهَذَا مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَضْطَجِعْ لِسُنَّةٍ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَدْأَبُ لَيْلَهُ فَيَسْتَرِيحُ» وَهَذَا لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، أَمَّا أَوَّلًا؛ فَلِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ رَاوِيًا لَمْ يُسَمَّ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ

وَأَمَّا ثَانِيًا؛ فَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهَا ظَنٌّ وَتَخْمِينٌ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَقَدْ رَوَتْ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ وَالْحُجَّةُ فِي فِعْلِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>