للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

وَقَدْ ثَبَتَ أَمْرُهُ بِهِ فَتَأَكَّدَتْ بِذَلِكَ مَشْرُوعِيَّتُهُ. الْقَوْلُ السَّادِسُ: أَنَّ الِاضْطِجَاعَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْفَصْلُ بَيْنَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَبَيْنَ الْفَرِيضَةِ، رَوَى ذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ.

وَفِيهِ أَنَّ الْفَصْلَ يَحْصُلُ بِالْقُعُودِ وَالتَّحَوُّلِ وَالتَّحَدُّثِ وَلَيْسَ بِمُخْتَصٍّ بِالِاضْطِجَاعِ

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالْمُخْتَارُ الِاضْطِجَاعُ لِظَاهِرِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ أَجَابَ مَنْ لَمْ يَرَ مَشْرُوعِيَّةَ الِاضْطِجَاعِ عَنْ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ بِأَجْوِبَةٍ. مِنْهَا أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ الْأَعْمَشِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ

قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: مَا رَأَيْتُهُ يَطْلُبُ حَدِيثًا بِالْبَصْرَةِ وَلَا بِالْكُوفَةِ قَطُّ، وَكُنْتُ أَجْلِسُ عَلَى بَابِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ أُذَاكِرُهُ بِحَدِيثِ الْأَعْمَشِ لَا يَعْرِفُ مِنْهُ حَرْفًا. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُد يَقُولُ: عَمَدَ عَبْدُ الْوَاحِدِ إلَى أَحَادِيثَ كَانَ يُرْسِلُهَا الْأَعْمَشُ فَوَصَلَهَا، يَقُول: " حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ فِي كَذَا وَكَذَا " انْتَهَى، وَهَذَا مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ الْأَعْمَشِ، وَقَدْ رَوَاهُ الْأَعْمَشُ بِصِيغَةِ الْعَنْعَنَةِ وَهُوَ مُدَلِّسٌ

وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ زِيَادٍ قَدْ احْتَجَّ بِهِ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ، وَوَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ مَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ السَّابِقَ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ مَنْ رَوَى عَنْهُ التَّضْعِيفَ لَهُ وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ الْمُتَقَدِّمُ، فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إنَّهُ ثِقَةٌ، وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّ عَبْدَ الْوَاحِدِ مِنْ أَثْبَتِ أَصْحَابِ الْأَعْمَشِ

قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَمَا رُوِيَ عَنْهُ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ بِثِقَةٍ، فَلَعَلَّهُ اشْتَبَهَ عَلَى نَاقِلِهِ بِعَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ وَكِلَاهُمَا بَصْرِيٌّ، وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَلَا شَيْخُهُ الْأَعْمَشُ، فَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ، إلَّا أَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ فِعْلِهِ لَا مِنْ قَوْلِهِ. وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَجْوِبَةِ الَّتِي أَجَابَ بِهَا النَّافُونَ لِشَرْعِيَّةِ الِاضْطِجَاعِ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ، هَلْ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ مِنْ فِعْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ؟ وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّ كَوْنَهُ مِنْ فِعْلِهِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا

وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ وُرُودَهُ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُنَافِي كَوْنَهُ وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ فَيَكُونُ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثَانِ: حَدِيثُ الْأَمْرِ بِهِ، وَحَدِيثُ ثُبُوتِهِ مِنْ فِعْلِهِ، عَلَى أَنَّ الْكُلَّ يُفِيدُ ثُبُوتَ أَصْلِ الشَّرْعِيَّةِ فَيَرُدُّ نَفْيَ النَّافِينَ. وَمِنْ الْأَجْوِبَةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمَّا سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَرْوِي حَدِيثَ الْأَمْرِ بِهِ قَالَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى نَفْسِهِ. وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ: هَلْ تُنْكِرُ شَيْئًا مِمَّا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ؟ فَقَالَ: لَا، وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: فَمَا ذَنْبِي إنْ كُنْتُ حَفِظْتُ وَنَسُوا

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا لَهُ بِالْحِفْظِ وَمِنْ الْأَجْوِبَةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا أَنَّ أَحَادِيثَ الْبَابِ لَيْسَ فِيهَا الْأَمْرُ بِذَلِكَ إنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>