للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

فِيهَا فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالِاضْطِجَاعُ مِنْ فِعْلِهِ الْمُجَرَّدِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَطَائِفَةٍ

وَالْجَوَابُ: مَنْعُ كَوْنِ فِعْلِهِ لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَالسَّنَدُ أَنَّ قَوْلَهُ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: ٧] وَقَوْلُهُ: {فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: ٣١] يَتَنَاوَلُ الْأَفْعَالَ كَمَا يَتَنَاوَلُ الْأَقْوَالَ وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَأَكَابِرُهُمْ إلَى أَنَّ فِعْلَهُ يَدُلُّ عَلَى النَّدْبِ وَهَذَا عَلَى فَرْضِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ إلَّا مُجَرَّدُ الْفِعْلِ، وَقَدْ عَرَفْتَ ثُبُوتَ الْقَوْلِ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ. وَمِنْ الْأَجْوِبَةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا أَنَّ أَحَادِيثَ عَائِشَةَ فِي بَعْضِهَا الِاضْطِجَاعُ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَفِي بَعْضِهَا بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَقَدْ أَشَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إلَى أَنَّ رِوَايَةَ الِاضْطِجَاعِ بَعْدَهُمَا مَرْجُوحَةٌ فَتُقَدَّمُ رِوَايَةُ الِاضْطِجَاعِ قَبْلَهُمَا وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِي الِاضْطِجَاعِ قَبْلَهُمَا أَنَّهُ سُنَّةٌ فَكَذَا بَعْدَهُمَا

وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَرْجَحِيَّةَ رِوَايَةِ الِاضْطِجَاعِ بَعْد صَلَاةِ اللَّيْلِ وَقَبْلَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ عَلَى رِوَايَةِ الِاضْطِجَاعِ بَعْدَهَا، بَلْ رِوَايَةُ الِاضْطِجَاعِ بَعْدَهُمَا أَرْجَحُ، وَالْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، وَرَوَاهُ عَنْ عُرْوَةَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَتِيمُ عُرْوَةَ وَالزُّهْرِيُّ، فَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إثْبَاتُ الِاضْطِجَاعِ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَهِيَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَلَمْ تَخْتَلِفْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ

وَاخْتَلَفَ الرُّوَاةُ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ مَالِكٌ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ: إنَّهُ كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ. الْحَدِيثَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الِاضْطِجَاعَ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَقَالَ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ اتَّفَقَ عَلَيْهَا الشَّيْخَانِ، فَرَوَاهَا الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَة مَعْمَرٍ وَمُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ عَقِبَ ذِكْرِهِمَا: وَالْعَدَدُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ الْوَاحِدِ

قَالَ: وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا مَحْفُوظَيْنِ، فَنَقَلَ مَالِكٌ أَحَدَهُمَا وَنَقَلَ الْبَاقُونَ الْآخَرَ، قَالَ: وَاخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَقَدْ يُحْتَمَلُ مِثْلُ مَا اُحْتُمِلَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ وَحَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يُخَالِفَانِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاضْطِجَاعِ قَبْلَهُمَا أَنْ لَا يَضْطَجِعَ بَعْدَهُمَا وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَ الِاضْطِجَاعَ بَعْدَهُمَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ بَيَانًا لِلْجَوَازِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالِاضْطِجَاعِ قَبْلَهُمَا هُوَ نَوْمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ، وَفِي تَحْدِيثِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ بَعْد رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْكَلَامِ بَعْدَهَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَرِهَهُ، وَرَوَى ذَلِكَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ، وَمِمَّنْ كَرِهَهُ مِنْ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَحُكِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ: كَانُوا يَكْرَهُونَ الْكَلَامَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ. وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَلْيَسْكُتُوا وَإِنْ كَانُوا رُكْبَانًا

<<  <  ج: ص:  >  >>