٩٤٤ - (وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنْ الشَّهْرِ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي الثَّالِثَةِ، وَقَامَ بِنَا فِي الْخَامِسَةِ، حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ؟ فَقَالَ: إنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا حَتَّى بَقِيَ ثَلَاثٌ مِنْ الشَّهْرِ، فَصَلَّى بِنَا فِي الثَّالِثَةِ وَدَعَا أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى تَخَوَّفْنَا الْفَلَاحَ، قُلْت لَهُ: وَمَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ: السَّحُورُ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ) .
ــ
[نيل الأوطار]
أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ " وَمَا تَأَخَّرَ ". قَالَ الْحَافِظُ: وَقَدْ وَرَدَ فِي غُفْرَانِ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ عِدَّةُ أَحَادِيثَ جَمَعْتُهَا فِي كِتَابٍ مُفْرَدٍ اهـ
قِيلَ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَتَنَاوَلُ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَقِيلَ: الصَّغَائِرُ فَقَطْ وَبِهِ جَزَمَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ مَعْرُوفٌ عَنْ الْفُقَهَاءِ، وَعَزَاهُ عِيَاضٌ إلَى أَهْلِ السُّنَّةِ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ غُفْرَانَ الذُّنُوب الْمُتَقَدِّمَةِ مَعْقُولٌ، وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرَةِ فَلَا، لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ تَسْتَدْعِي سَبْقَ ذَنْبٍ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةً عَنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّهَا تَقَع مِنْهُمْ الذُّنُوبُ مَغْفُورَةً. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ قِيَامِ رَمَضَانَ وَتَأَكُّدِ اسْتِحْبَابِهِ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ، لِأَنَّ الْقِيَامَ الْمَذْكُورَ فِي الْحَدِيثِ الْمُرَادِ بِهِ صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ النَّوَوِيِّ وَالْكَرْمَانِيِّ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا، قَالَ: وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْأَفْضَلَ صَلَاتُهَا فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا أَمْ فِي جَمَاعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ: الْأَفْضَلُ صَلَاتُهَا جَمَاعَةً كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَالصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَاسْتَمَرَّ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ، فَأَشْبَهَ صَلَاةَ الْعِيدِ، وَبَالَغَ الطَّحَاوِيُّ فَقَالَ: إنَّ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ فِي الْجَمَاعَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ: الْأَفْضَلُ فُرَادَى فِي الْبَيْتِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَتْ الْعِتْرَةُ: إنَّ التَّجْمِيعَ فِيهَا بِدْعَةٌ، وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ
٩٤٤ - (وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنْ الشَّهْرِ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي الثَّالِثَةِ، وَقَامَ بِنَا فِي الْخَامِسَةِ، حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ؟ فَقَالَ: إنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا حَتَّى بَقِيَ ثَلَاثٌ مِنْ الشَّهْرِ، فَصَلَّى بِنَا فِي الثَّالِثَةِ وَدَعَا أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى تَخَوَّفْنَا الْفَلَاحَ، قُلْت لَهُ: وَمَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ: السَّحُورُ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ) . الْحَدِيثُ رِجَالُ إسْنَادِهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَنِ كُلُّهُمْ رِجَالُ الصَّحِيحِ، قَوْلُهُ: (فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا) لَفْظُ أَبِي دَاوُد «صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَضَانَ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنْ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ»
قَوْلُهُ: (لَوْ نَفَلْتَنَا) النَّفَلُ مُحَرَّكَةٌ فِي الْأَصْلِ الْغَنِيمَةُ وَالْهِبَةُ، وَنَفَلَهُ النَّفَلَ وَأَنْفَلَهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute