٩٤٥ - (وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى الثَّانِيَةَ فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ فَلَمْ يَمْنَعنِي مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ» ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَان. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَتْ: «كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ فِي رَمَضَانَ بِاللَّيْلِ أَوْزَاعًا، يَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ الشَّيْءُ مِنْ الْقُرْآنِ، فَيَكُونُ مَعَهُ النَّفَر الْخَمْسَةُ أَوْ السَّبْعَةُ أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، قَالَتْ: فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَنْصِبَ لَهُ حَصِيرًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي فَفَعَلْتُ، فَخَرَجَ إلَيْهِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى عِشَاءَ الْآخِرَةَ، فَاجْتَمَعَ إلَيْهِ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِهِمْ، وَذُكِرَتْ الْقِصَّةُ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ غَيْرَ أَنَّ فِيهَا: أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ)
ــ
[نيل الأوطار]
أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَالْمُرَاد هُنَا لَوْ قُمْت بِنَا طُولَ لَيْلَتِنَا وَنَفَلْتَنَا مِنْ الْأَجْرِ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ ثَوَابِ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ: (فَصَلَّى بِنَا فِي الثَّالِثَةِ) أَيْ فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ بَقِيَتْ مِنْ الشَّهْرِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: فِي السَّادِسَةِ، فِي الْخَامِسَةِ
وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَتَخَوَّلُهُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ لِئَلَّا يُثْقِلَ عَلَيْهِمْ، كَمَا كَانَ ذَلِكَ دَيْدَنَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَوْعِظَةِ، فَكَانَ يَقُومُ بِهِمْ لَيْلَةً وَيَدَعُ الْقِيَامَ أُخْرَى.
وَفِيهِ تَأَكُّدُ مَشْرُوعِيَّةِ الْقِيَامِ فِي الْأَفْرَادِ مِنْ لَيَالِي الْعَشْرِ الْآخِرَةِ مِنْ رَمَضَانَ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الظَّفَرِ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، قَوْلُهُ: (وَدَعَا أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ نَدْبِ الْأَهْلِ إلَى فِعْلِ الطَّاعَاتِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ وَاجِبَةٍ
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ» .
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَيْقَظَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّيَا أَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا كُتِبَا فِي الذَّاكِرِينَ وَالذَّاكِرَاتِ» قَوْلُهُ: (الْفَلَاحُ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْفَلَاحُ: الْفَوْزُ وَالنَّجَاةُ وَالْبَقَاءُ فِي الْخَيْرِ
وَالسَّحُورِ، قَالَ: وَالسَّحُورُ مَا يُتَسَحَّرُ بِهِ: أَيْ مَا يُؤْكَلُ فِي وَقْتِ السَّحَرِ وَهُوَ قُبَيْلُ الصُّبْحِ. وَالْحَدِيثُ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّهُمْ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي.
قَوْلُهُ: (صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ. . . إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ جَوَازُ النَّافِلَةِ جَمَاعَةً، وَلَكِنَّ الِاخْتِيَارَ فِيهَا الِانْفِرَادُ، إلَّا نَوَافِلَ مَخْصُوصَةٍ، وَهِيَ الْعِيدُ وَالْكُسُوفُ وَالِاسْتِسْقَاءُ. وَكَذَا التَّرَاوِيحُ عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute