. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَمَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْعَصْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ» وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَلَكِنَّهُ خَاصٌّ بِصَلَاةِ الْفَرْضِ فَلَا يَصْلُحُ لِنَسْخِ أَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَى فَرْضِ تَأَخُّرِهِ. وَغَايَةُ مَا فِيهِ تَخْصِيصُ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ مِنْ عُمُومِ النَّهْيِ.
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَكْعَتَيْ الظُّهْرِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ. وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ عَلِيٍّ الْمُتَقَدِّم لِتَقْيِيدِ النَّهْيِ فِيهِ بِقَوْلِهِ: " إلَّا أَنْ تَكُونَ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً " وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَافِظَ قَالَ فِي الْفَتْحِ: إنَّ إسْنَادَهُ حَسَنٌ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ: إنَّ إسْنَادَهُ صَحِيحٌ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ صَالِحًا لِتَقْيِيدِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ الْقَاضِيَةِ بِمَنْعِ الصَّلَاةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِمَا عَدَا الْوَقْتَ الَّذِي تَكُونُ الشَّمْسُ فِيهِ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لَكِنَّهُ أَخَصُّ مِنْ دَعْوَى مُدَّعِي الْإِبَاحَةِ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ مُطْلَقًا.
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: وَهِمَ عُمَرُ إنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُتَحَرَّى طُلُوعُ الشَّمْسِ وَغُرُوبُهَا.
وَبِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: أُصَلِّي كَمَا رَأَيْت أَصْحَابِي يُصَلُّونَ وَلَا أَنْهَى أَحَدًا يُصَلِّي بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ مَا شَاءَ غَيْرَ أَنْ لَا تَحَرُّوا طُلُوع الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا. وَيُجَابُ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ بِقَوْلِ عَائِشَةَ: بِأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ عُمَرُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَابِتٌ مِنْ طَرِيقِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَلَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِالْوَهْمِ وَهُمْ مُثْبِتُونَ وَنَاقِلُونَ لِلزِّيَادَةِ، فَرِوَايَتُهُمْ مُقَدَّمَةٌ وَعَدَمُ عِلْمِ عَائِشَةَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعَدَمَ، فَقَدْ عَلِمَ غَيْرُهَا بِمَا لَمْ تَعْلَمْ.
وَيُجَابُ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ بِأَنَّهُ قَوْلُ صَحَابِيٍّ لَا حُجَّةَ فِيهِ وَلَا يُعَارِضُ الْمَرْفُوعَ. عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافُ مَا رَآهُ كَمَا سَيَأْتِي وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا» قَالُوا: فَتُحْمَل الْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ عَلَى هَذَا حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، أَوْ تُبْنَى عَلَيْهِ بِنَاءَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ.
وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مِنْ التَّنْصِيصِ عَلَى أَحَدِ أَفْرَادِ الْعَامِّ وَهُوَ لَا يَصْلُح لِلتَّخْصِيصِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْقَاضِيَةَ بِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ عَامَّةٌ، فَمَا كَانَ أَخَصّ مِنْهَا مُطْلَقًا كَحَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا وَحَدِيثُ عَلِيٍّ الْمُتَقَدِّمُ، وَقَضَاءُ سُنَّةِ الظُّهْرِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَسُنَّةِ الْفَجْرِ بَعْدَهُ لِلْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي ذَلِكَ، فَلَا شَكَّ أَنَّهَا مُخَصِّصَةٌ لِهَذَا الْعُمُومِ، وَمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهِ كَأَحَادِيثِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَأَحَادِيثِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَتْ، وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَا عَلِيُّ ثَلَاثٌ لَا تُؤَخِّرْهَا: الصَّلَاةُ إذَا أَتَتْ وَالْجِنَازَةُ إذَا حَضَرَتْ» الْحَدِيث أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ «وَصَلَاةُ الْكُسُوفِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ» وَالرَّكْعَتَيْنِ عَقِبَ التَّطَهُّرِ لِحَدِيثِ هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّم.
وَصَلَاةُ الِاسْتِخَارَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute