١٠٥٦ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مِنْ اسْتَيْقَظَ مِنْ اللَّيْلِ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا كُتِبَا مِنْ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) .
ــ
[نيل الأوطار]
لَا تَبْطُلُ بَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَتَمَسَّكُوا بِعَدَمِ بُطْلَانِ صَلَاةِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِوُقُوفِهِ عَنْ الْيَسَارِ لِتَقْرِيرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ عَلَى أَوَّلِ صَلَاتِهِ.
وَقِيلَ: تَبْطُلُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ وَالْهَادَوِيَّةُ، قَالُوا: وَتَقْرِيرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِابْنِ عَبَّاسٍ لَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ وَقَفَ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِهَا عَنْ الْيَسَارِ عَالِمًا. وَغَايَةُ مَا فِيهِ تَقْرِيرُ مَنْ جَهِلَ الْمَوْقِفَ وَالْجَهْلُ عُذْرٌ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْمَوْقِفِ لِلْمُؤْتَمِّ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمَاعَةِ فِي أَبْوَابِ مَوَاقِفِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ.
وَمِنْهَا جَوَازُ الِائْتِمَامِ بِمَنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ وَقَدْ بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ لِذَلِكَ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامُ الْإِمَامَةُ. وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ ابْن الْمُنْذِرِ بِحَدِيثِ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي رَمَضَانَ، قَالَ: فَجِئْتِ فَقُمْتُ إلَى جَنْبِهِ، وَجَاءَ آخَرُ فَقَامَ إلَى جَنْبِي حَتَّى كُنَّا رَهْطًا، فَلَمَّا أَحَسَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَا تَجَوَّزَ فِي صَلَاتِهِ» الْحَدِيثَ، وَسَيَأْتِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ ابْتِدَاءً وَائْتَمُّوا هُمْ بِهِ ابْتِدَاءً وَأَقَرَّهُمْ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ. وَذَهَبَ أَحْمَدُ إلَى الْفَرْقِ بَيْن النَّافِلَةِ وَالْفَرِيضَةِ، فَشَرَطَ أَنْ يَنْوِيَ فِي الْفَرِيضَةَ دُونَ النَّافِلَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَحْدَهُ، فَقَالَ: أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَقَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.
١٠٥٦ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مِنْ اسْتَيْقَظَ مِنْ اللَّيْلِ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا كُتِبَا مِنْ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) . الْحَدِيثَ. ذَكَرَ أَبُو دَاوُد أَنَّ بَعْضَهُمْ لَمْ يَرْفَعْهُ وَلَا ذَكَرَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَجَعَلَهُ كَلَامَ أَبِي سَعِيدٍ، وَبَعْضُهُمْ رَوَاهُ مَوْقُوفًا، وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ مُسْنَدًا وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ إيقَاظِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ بِاللَّيْلِ لِلصَّلَاةِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ» وَفِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، وَقَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى وَأَبُو حَاتِمٍ وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الْمُتَابَعَةِ وَتَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُهُمْ.
وَحَدِيثُ الْبَابِ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الْإِمَامَةِ وَانْعِقَادِهَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ وَلَكِنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ: " فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا " مُحْتَمَلٌ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِمَا إذَا صَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَكْعَتَيْنِ مُنْفَرِدًا أَنَّهُمَا صَلَّيَا جَمِيعًا رَكْعَتَيْنِ، أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَعَلَ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَفْعَلْهُمَا أَحَدُهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute