للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ انْفِرَادِ الْمَأْمُومِ لِعُذْرٍ ثَبَتَ أَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ تُفَارِقُ الْإِمَامَ وَتُتِمَّ، وَهِيَ مُفَارِقَةٌ لِعُذْرٍ.

١٠٥٧ - (وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَؤُمُّ قَوْمَهُ، فَدَخَلَ حَرَامٌ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَسْقِيَهُ نَخْلَهُ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ مَعَ الْقَوْمِ، فَلَمَّا رَأَى مُعَاذًا طَوَّلَ تَجَوَّزَ فِي صَلَاتِهِ وَلَحِقَ بِنَخْلِهِ يَسْقِيهِ، فَلَمَّا قَضَى مُعَاذٌ الصَّلَاةَ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ، قَالَ: إنَّهُ لَمُنَافِقٌ أَيَعْجَلُ عَنْ الصَّلَاةِ مِنْ أَجْلِ سَقْيِ نَخْلِهِ؟ قَالَ: فَجَاءَ حَرَامٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُعَاذٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَسْقِيَ نَخْلًا لِي، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ لِأُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ، فَلَمَّا طَوَّلَ تَجَوَّزْتُ فِي صَلَاتِي وَلَحِقْتُ بِنَخْلِي أَسْقِيهِ، فَزَعَمَ أَنِّي مُنَافِقٌ، فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُعَاذٍ فَقَالَ: أَفَتَّانٌ أَنْتَ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ، لَا تُطَوِّلْ بِهِمْ، اقْرَأْ بِ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَنَحْوِهِمَا» ) .

١٠٥٨ - (وَعَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ «أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْعِشَاءَ فَقَرَأَ فِيهَا {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القمر: ١] ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْرُغَ فَصَلَّى وَذَهَبَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ قَوْلًا شَدِيدًا، فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاعْتَذَرَ إلَيْهِ وَقَالَ: إنِّي كُنْتُ أَعْمَلُ فِي نَخْلٍ وَخُفْتُ عَلَى الْمَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يَعْنِي لِمُعَاذٍ: صَلِّ بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَنَحْوِهَا مِنْ السُّوَرِ» رَوَاهُمَا أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، فَإِنْ قِيلَ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ الَّذِي

ــ

[نيل الأوطار]

فَقَطْ، وَلَكِنَّ الْأَصْلَ صِحَّةُ الْجَمَاعَةِ وَانْعِقَادِهَا بِالْمَرْأَةِ مَعَ الرَّجُلِ كَمَا تَنْعَقِدُ بِالرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا رَجَعَ مِنْ الْمَسْجِدِ صَلَّى بِنَا» وَقَالَ: إنَّهُ حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبُخَارِيُّ تَعْلِيقَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَأْتَمُّ بِغُلَامِهَا.

وَحَكَى الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْعِتْرَةِ أَنَّهُ لَا يَؤُمُّ الرَّجُلَ امْرَأَةٌ، وَاسْتُدِلَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَخِّرُوهُنَّ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ» وَقَوْلُهُ: «شَرُّ صُفُوفِ النِّسَاءِ أَوَّلُهَا» وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ. وَاسْتُدِلَّ أَيْضًا بِأَنَّ عَلِيًّا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: وَهُوَ تَوْقِيفٌ. وَجَعَلَهُ مِنْ التَّوْقِيفِ دَعْوَى مُجَرَّدَةً لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ، وَلَيْسَ الْمَنْعُ مَذْهَبًا لِجَمِيعِ الْعِتْرَةِ فَقَدْ صَرَّحَ الْهَادِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَؤُمَّ بِالْمَحَارِمِ فِي النَّوَافِلِ وَجَوَّزَ ذَلِكَ الْمَنْصُورُ بِاَللَّهِ مُطْلَقًا. .

<<  <  ج: ص:  >  >>