٨٩ - (وَعَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَبُولُ إلَيْهَا فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: بَلَى، إنَّمَا نُهِيَ عَنْ هَذَا فِي الْفَضَاءِ فَإِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ فَلَا بَأْسَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) .
ــ
[نيل الأوطار]
عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ.
٨٩ - (وَعَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَبُولُ إلَيْهَا فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: بَلَى، إنَّمَا نُهِيَ عَنْ هَذَا فِي الْفَضَاءِ فَإِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ فَلَا بَأْسَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) . أَخْرَجَهُ وَسَكَتَ عَنْهُ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَسْكُتُ إلَّا عَمَّا هُوَ صَالِحٌ لِلِاحْتِجَاجِ، وَكَذَلِكَ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ فِي تَخْرِيج السُّنَن. وَذَكَره الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي التَّلْخِيص وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَذَكَرَهُ فِي الْفَتْح أَنَّهُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ بِإِسْنَادِ حَسَن، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ
مِنْ طَرِيق عِيسَى الْحَنَّاطِ قَالَ: قُلْت لِلشَّعْبِيِّ: إنِّي لَأَعْجَبُ لِاخْتِلَافِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ قَالَ نَافِعٌ عَنْ ابْن عُمَرَ: «دَخَلْتُ إلَى بَيْتِ حَفْصَةَ فَحَانَتْ مِنِّي الْتِفَاتَةٌ، فَرَأَيْتُ كَنِيفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ» . وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا» ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: صَدَقَا جَمِيعًا، أَمَّا قَوْل أَبِي هُرَيْرَة فَهُوَ فِي الصَّحْرَاء، فَإِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا وَمَلَائِكَةً وَجِنًّا يُصَلُّونَ، فَلَا يَسْتَقْبِلْهُمْ أَحَدٌ بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ وَلَا يَسْتَدْبِرْهُمْ، وَأَمَّا كُنُفُكُمْ هَذِهِ فَإِنَّمَا هِيَ بُيُوتٌ لَا قِبْلَةَ فِيهَا، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مُخْتَصَرًا.
وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الِاسْتِقْبَال وَالِاسْتِدْبَار إنَّمَا هُوَ فِي الصَّحْرَاء مَعَ عَدَم السَّاتِرِ، وَهُوَ يَصْلُحُ دَلِيلًا لِمَنْ فَرَّقَ بَيْن الصَّحْرَاء وَالْبُنْيَان، وَلَكِنَّهُ لَا يَدُلّ عَلَى الْمَنْع فِي الْفَضَاء عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَعْضُ، بَلْ مَعَ عَدَم السَّاتِر، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِصَلَاحِيَّتِهِ لِلِاسْتِدْلَالِ؛ لِأَنَّ قَوْلُهُ: إنَّمَا نُهِيَ عَنْ هَذَا فِي الْفَضَاء يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ إسْنَادًا إلَى الْفِعْل الَّذِي شَاهَدَهُ وَرَوَاهُ، فَكَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ حَفْصَةَ مُسْتَدْبِرًا لِلْقِبْلَةِ فَهِمَ اخْتِصَاصَ النَّهْيِ بِالْبُنْيَانِ، فَلَا يَكُونُ هَذَا الْفَهْمُ حُجَّةً، وَلَا يَصْلُح هَذَا الْقَوْلُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ، وَأَقَلُّ شَيْءٍ الِاحْتِمَالُ، فَلَا يَنْتَهِض لِإِفَادَةِ الْمَطْلُوبِ، وَقَدْ سُقْنَا فِي شَرْحِ أَحَادِيث هَذَا الْبَاب وَاَلَّذِي قَبْله مِنْ الْكَلَام عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُعْضِلَةِ أَبْحَاثًا لَا تَجِدُهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، وَلَعَلَّك لَا تَحْتَاجُ بَعْد إمْعَانِ النَّظَرِ فِيهَا إلَى غَيْرِهِ.
١ -
(فَائِدَة) قَالَ الْمَنْصُورُ بِاَللَّهِ وَالْغَزَالِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ: إنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقَمَرَيْنِ وَالنَّيِّرَاتِ قَالُوا: لِشَرَفِهَا بِالْقَسَمِ بِهَا فَأَشْبَهَتْ الْكَعْبَةَ كَذَا فِي الْبَحْر، وَقَدْ اسْتَقْوَى عَدَمُ الْكَرَاهَةِ. وَقَدْ قِيلَ فِي الِاسْتِدْلَال عَلَى الْكَرَاهَة بِأَنَّهُ رَوَى الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْحَسَن قَالَ: حَدَّثَنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute