للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأولى- فيه إذا ادعى ثلاثةٌ معاً -مثلاً- داراً في يد إنسان، فقالوا: هذه الدار وقفها أبونا علينا، وكانت ملكَه إلى أن وقفها، ثم على أولادنا بعد انقراضنا، وذكروا مصرِفاً لا ينقطع من جهة الآخِر، فإذا أقاموا شاهداًً، وحلفوا معه، ثبت الوقف على الرأي الأظهر بالشاهد وأيمانهم.

ومن أصحابنا من قال: إذا قلنا: رقبة الوقف ملك الواقف، أو ملك الموقوف عليه، [فالوقف] (١) يثبت بالشاهد واليمين، والشاهد والمرأتين.

وإذا قلنا: الملك في رقبة الوقف لله، فلا يثبت الوقف إلا بشاهدين عدلين.

وهذه الطريقة مزيفة من وجهين: أحدهما - أن مقصودهم إثبات استحقاق المنفعة ملكاً لأنفسهم، فليقع التعويل على مقصود المدعي، والآخر - أنهم يختصون بالرقبة اختصاص من يدعي استيلاد الجارية، وهذا ليس بذاك؛ فإن المستولدة ملك المستولد، والوقف إنما يضاهي الاستيلاد على قولنا: الملك في الموقوف للموقوف عليه، والتفريع بعد هذا على أن الوقف يثبت بالشاهد واليمين. وقد فرضنا الوقف على الترتب كما صورنا المسألة، ثم نذكر ثلاث صور في هذه المسألة تبيّن [القواعد] (٢) والأمهات، ونأتي بعدها بما يستوعب الغرض.

١٢٠٧٦ - فإحدى المسائل أن يحلفوا ونقضي بثبوت الوقف، فإذا ماتوا، فهل يحلف البطنُ الثاني، أم يعوِّلون على أيمان الأولين؟ فعلى قولين: أحدهما - أنهم لا يحلفون، ويكتفون بثبوت الوقف بما مضى. والثاني - أنهم يحلفون، ولو أبَوْا، لم يثبت الوقف في حقوقهم.

والقولان مأخوذان من أصلٍ، وهو أن البطن الثاني في الوقف المترتب يستحقون ما ينتهي إليهم من جهة الواقف، أم يتلقَّونه من جهة البطن الأول؟ فعلى قولين، وقد بنينا على ذلك مسائل في الوقف، فإن قلنا: التلقِّي من الواقف، فلا بد للبطن الثاني من الحلف، وكأنهم الأولون، وإن قلنا: إنهم يتلقون من البطن الأول، فلا


(١) في الأصل: " بالوقف ".
(٢) في الأصل: " للقواعد ".