وكل ما ذكرناه فيه إذا لم يصرح بالنكول أو الامتناع عن اليمين.
١٢١٠٢ - فإن قال: نكلت، أو أنا ناكِل، أو لست أحلف، فالذي نراه أنه لا حاجة في هذا المقام إلى قضاء القاضي، وهو بمثابة ما لو أقر المدعى عليه بالحق، فلا يظهر بقضاء القاضي أثر عند الإقرار، وسنبين أثر ما ذكرناه في التفريع.
١٢١٠٣ - ثم قال الأصحاب: إنما يتحقق النكول إذا قال القاضي للمدعى عليه احلف بالله، فإذا امتنع، فإذ ذاك يقضي بالنكول، ولو قال له: أتحلف؟ فامتنع، فقد قال القاضي: لا حكم لهذا الامتناع، لأنه لم يأمره باليمين، بل استشاره فيها مستفهماً، وهذا فيه تدبر من جهة أن قول القاضي للمدعى عليه:" احلف " مشكلٌ؛ فإنه أمر، وتوجيه الأمر عليه بالحلف، فيه غموض، هذا وجه. والآخر أنه إذا قال: أتحلف، فلو ابتدر وحلف، فهل يعتد بيمينه، أم لا؟ هذا وجه التنبيه.
وسبيل الكشف بعده أن قوله:" احلف " ليس أمراً جازماً، ولكنه إبانةُ وقت الحلف واليمين المعتد بها إن أرادها المدعى عليه، فإذا لم يحلف وامتنع، نفذ القضاء بنكوله، فأما قوله:" أتحلف "، فاستخبار، ولو ابتدر وحلف، لم يُعْتَدَّ بيمينه؛ فإن اليمين إنما يُعتدُّ بها إذا استحلف القاضي، والاستفهام ليس استحلافاً، ولكن إن قُدِّم الاستفهامُ، فهو حسن، ليكون الاستحلاف بعده على بصيرة.
ونظمُ الكلام أنه يقول للمدعى عليه أتحلف؟ فإن قال: نعم. قال: قل " بالله "، ثم إذا ثبت نكوله، إما بقوله نكلت، أو بحكم الحاكم بنكوله، فلو قال بعد ذلك: أحلفُ، لا يبالَى به، وهذا أثر إثبات النكول. فإن قال: نكلت، أو قال القاضي: حكمتُ بنكولك، أو أقبل على المدعي، فقال: احلف، فلو أراد المدعى عليه أن يحلف، لم يُقبل منه بعد ما وصفنا. وقوله للمدعي:" احْلِف " قضاءٌ منه بالنكول، فلا يشترط في هذا المقام أكثرُ من ذلك.
ولو أقبل على المدعي هامّاً بتحليفه يمينَ الرد، ولم يقل بعدُ " احلف " فأراد المدعى عليه أن يحلف، ففي المسألة وجهان، ذكرهما القاضي: أحدهما - أنه يحلف، لأنه لم يصرح بالنكول، ولم يأت القاضي بعدُ بما يكون حكماً بالنكول،