للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غث؛ فإن المحرّم هو الترك والمسابّة، وقالوا: يحرم إذا قصد به القمار، وهذا أيضاً ليس بشيء؛ فإن القمار لا يلزم، والمحرم قصده وإلزامُه، والشطرنج في نفسه لا يتغير اللعب به. وقيل: كان سعيد بن جبير يلعب بالشِّطْرَنج استدباراً (١)، وما روي أن علياً رضي الله عنه مرّ بقومٍ يلعبون بالشطرنج، فقال: " ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون " (٢) فهذا محمول على أنه رأى الشطرنج على صورة الفرس والفيل؛ فقال ما قال.

وأما اللعب بالنرد من غير قمارٍ، فحرام على ظاهر المذهب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللاعب بالنرد كعابد الوثن " (٣)، وقال: " من لعب بالنرد، فقد عصى أبا القاسم " (٤) وقد روي " ملعون من لعب بالنردشير ". وحكى صاحب التقريب عن ابن خَيْران أن النرد كالشطرنج، وحكاه العراقيون عن أبي إسحاق المروزي. فإن لم يثبت في النرد الأخبار التي ذكرناها، فلا فرق. وقد أطلق الشافعي


(١) أثر سعيد بن جبير رواه الشافعي. قال المزني: سمعت الشافعي يقول: كان سعيد بن جبير يلعب بالشطرنج استدباراً، فقلت له: كيف يلعب بها استدباراً، قال: يوليها ظهره، ثم يقول: بأي شيء وقع، فيقول: بكذا، فيقول: أوقع عليه بكذا. (ر. المختصر: ٥/ ٢٥٧) وانظر: السنن الكبرى للبيهقي: ١٠/ ٢١١، ومعرفة السنن والآثار: ٧/ ٤٣١ ح ٥٩٥٦.
(٢) أثر علي بن أبي طالب رواه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي، ورواه البيهقي في الكبرى، وفي معرفة السنن والآثار (ر. السنن الكبرى: ١٠/ ٢١٢، معرفة السنن والآثار: ٧/ ٢٣١، التلخيص: ٤/ ٣٧٩ ح ٢٦٧٣، إرواء الغليل للألباني: ٨/ ٢٨٨ ح ٢٦٧٢، وقال: هذا الأثر لا يثبت عن علي).
(٣) حديث " اللاعب بالنرد كعابد الوثن " لم نقف عليه.
(٤) حديث " من لعب بالنرد فقد عصى أبا القاسم " رواه أبو داود، وابن ماجه، ومالك، وأحمد، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، والبيهقي، كلهم من حديث أبي موسى الأشعري ولفظه " من لعب النردشير فقد عصى الله ورسوله ". والحديث حسنه الألباني في الإرواء (ر. أبو داود: الأدب، باب في النهي عن اللعب بالنرد، ح ٤٩٣٨، ابن ماجه: الأدب، باب اللعب بالنرد، ح ٣٧٦٢، الموطأ: ٢/ ٩٥٨، أحمد: ٤/ ٣٩٤، ٣٩٧، ٤٠٠، الحاكم: ١/ ٥٠، البيهقي: ١٠/ ٢١٤، ٢١٥، التلخيص: ٤/ ٣٦٥ ح ٢٦٤٢، إرواء الغليل: ٨/ ٢٨٥ ح ٢٦٧٠).