للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التحاقها بهما يقرب مما ذكرناه؛ فإن الردة إذا هي ظهرت، دلت على خُبثٍ في العقد متقدم.

وفي هذا المقام سؤال: وهو أن المقذوف إذا زنى بعد ما كان ظاهرُه الإحصانَ والعفةَ عن الزنا، فالنص أن الحد يسقط عن القاذف، إذا لم يتفق إقامته حتى جرى ما جرى، ولو ارتد المقذوف قبل إقامة الحد على القاذف، فالحد مقام عليه، وقد ذكرنا ترتيب المذهب واختلافَ الأصحاب في موضعه.

ومقتضى النص الفرق بين طريان ما يناقض العفة وبين طريان الردة، وقد سوّينا بين الفسق وطريان الردة على شاهد الأصل، فما الوجه؟

قلنا: لا ننكر أن طلب الفرق بين الردة وطريان الزنا [في المقذوف] (١) عسر.

ولكن الأصل ثَمَّ أنا لا نعتبر في تبرئة المقذوف طلبَ باطنه، ولا نقول: يتوقف إقامة الحد على القاذف على تزكية المزكّين للمقذوف عن الزنا، ووصفهِ بالعفةِ عنها، وأمورُ الشهادات على طلب البواطن، والتوقفُ فيها بالريب؛ فالأصل ممتاز عن الأصل، وطريان الردة في إيراث رَيْب منعطفٍ كطريان الفسق، وإذا استويا في هذا، فما ذكرناه [مستدٌّ] (٢) على قاعدة الشهادة، فإن كان من إشكال، ففي مسألة القذف، ولسنا ننكر أنها تزداد إشكالاً، وما نحن فيه الآن من حكم الشهادة [مستدٌّ] (٣) لا غموض فيه، والقياس ثَم أن طريان الزنا لا يؤثر، كما صار إليه المزني وطوائفُ من أصحابنا، لما حققناه من امتياز الأصل عن الأصل.

١٢١٦٠ - ولو جُنّ شاهد الأصل، فقد خرج بجنونه عن الشهادة، فهل يشهد الفرع تعويلاً على التحمل السابق؟ وكذلك لو عمي، وعسُر منه إقامة الشهادة، لافتقارها إلى الإشارة إلى المشهود عليه، فالذي يجب التنبه قبل الخوض في التفصيل، أن الجنون لا ينعطف على ما تقدم، وطريانه لا يورث ريباً في العقل مستنداً إلى حالة


(١) في الأصل: " والمقذوف ".
(٢) في النسختين: " مستمر ".
(٣) في الأصل، وفي (ت ٥): " مستمر ". والمثبت من تصرف المحقق، والمعنى: مستقيم لا غموض فيه.