للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو قامت بيّنه على أن الأصل كذّب الفرع قبل نفوذ القضاء؛ فالقضاء منقوض؛ فإن ما أثبتته البيّنة من تقدم تكذيب الأصل للفرع بمثابة ما يسمعه القاضي من تكذيبه إياه قبل القضاء، وليس القضاء عقداً [يبرم] (١) ويحلّ، والمعنيّ بالنقض تبيّن الأمر، وسقوط ما كان استناداً (٢). وسيأتي إن شاء الله قولان في أن القاضي إذا قضى بشهادة شاهدين، ثم قامت بينة على فسقهما حالة القضاء، فهل يُحكمُ بنقض القضاء أم لا؟

فإذا قامت بيّنة على أن الأصل كذّب الفرع قبل القضاء، فالقضاء منتقض، قولاً واحداً.

وقد يعسر الفرق في ذلك، ونحن نعيد هذا الحكم من هذا الباب عند ذكرنا ثبوت الفسق مستنداً إلى القضاء، إن شاء الله عز وجل.

وقد نجز الكلام فيما يطرأ على شهود الأصل من الطوارىء. فأما

الفصل الرابع

الكلام في العدد. ونذكر فيه الكلام في صفة الفروع.

١٢١٦٣ - فأما العدد: فقد قال الشافعي رضي الله عنه: " ولو شهد رجلان على شهادة رجلين، فقد رأيت كثيراً من الحكام والمفتين يجيزه ... إلى آخره " (٣).

فنقول: إذا كان شاهدُ الأصل اثنين، فشهد شاهدان على شهادة أحدهما، وتحملاها، فلو تحملا شهادة الشاهد الثاني؛ فهل يثبت الشقان بشهادتهما؟ فعلى قولين: أحدهما -وهو الأقيس واختيار أبي حنيفة (٤) - أنه يثبت. وهو اختيار المزني أيضاً. ووجهه أن العدلين شهادتهم بيّنة، فنقلهما شهادتين من شاهدين في


(١) في الأصل: " يرام "، وفي (ت ٥): " يدام ". والمثبت من تصرف المحقق.
(٢) أي يسقط مستنداً إلى أصل كان موجوداً قبله يمنع صحته، فالاستناد واحد من طرق إثبات الأحكام، وقد بيناه من قبل، وأشرنا إليه مراراً.
(٣) ر. المختصر: ٥/ ٢٥٨.
(٤) ر. مختصر الطحاوي: ٣٣٣، مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٣٦١ مسألة: ١٤٩٦، المبسوط: ١٦/ ١١٥.