ومن أصحابنا من قال: لا تنقطع شهادة الفرع بل يمتنع، فإذا زال الجنون والعمى، فشهادة الفرع مستمرة، وهذا ليس بشيء. والوجه الذي قبله - وإن كان قياساً، فلست أعتد به لضعف أصله.
ولو فسق الأصل، وثبت أن الفرع لا يؤدي الشهادة قطعاً، فلو عاد الأصل إلى العدالة، واستبرأنا حاله، فهو على الشهادة الأصلية، والفرع لا يشهد تعويلاً على التحمل الأول؛ لأن الرَّيْبَ قد انعطف عليه؛ وذلك الريب لا يزول بزوال فسق الأصل؛ فإن العدالة إن كانت تقطع الفسق الطارىء، فلا تقطع الرَّيب المتقدم على الفسق؛ فالوجه أن يجدد تحملاً. وهذا هو الذي لا يجوز غيره.
وأبعد بعض الأصحاب، فاكتفى بالتحمل الأول. ولا يعتد بمثل هذا؛ فإنه غفلة عن الأصل المعتبر، وغباوةٌ عن الدَّرْك.
١٢١٦٢ - ومما يتعلق بما نحن فيه أن الفرع لو أقام الشهادة في مجلس القضاء، ونفذ القضاء بشهادته، ثم طرأت التغايير على الأصل، فلا نظر إلى ما يطرأ بعد نفوذ القضاء.
ولو أقام الفرع الشهادة، ففسق الأصل قبل نفوذ القضاء بشهادة الفرع، فلا يقضي القاضي بشهادة الفرع، كما لو فسق الشاهد نفسُه قبل القضاء بشهادته، وتعليل ذلك بيّن، لا إشكال فيه.
ولو شهد الفرع، فكذّبه الأصل قبل القضاء، لم يقْضِ القاضي بشهادة الفرع، وإن كان عدلاً رِضاً.
ولو حضر الأصلُ قبل القضاء بشهادة الفرع، فلا خلاف أن القاضي لا يقضي بشهادة الفرع، ولكن يستحضر الأصلَ ليشهد، ولا يكتفي بأن يصدِّق الأصلُ الفرعَ، بل لا بد من إنشاء الشهادة من الأصل.
ولو حضر شاهد الأصل بعد نفوذ القضاء بشهادة الفرع، فلا أثر لحضوره، ولو حضر بعد القضاء، وكذب الشاهدَ على شهادته، فلا يُلتفت إلى تكذيبه بعد إبرام القضاء.