للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخطأنا، فالذي صدر منهم لا يوجب جرحَهم في غير الشهادة على الزنا. فأما إذا رجع شهود الزنا، وقالوا: أخطأنا؛ فهل يكونون قذفة؟ قد ذكرنا أنه إذا نقص العدد، ففي كونهم قذفة قولان، فإذا كمل العدد في مسألتنا، وقالوا: أخطأنا، احتَمَل خلافاً، ولكنه مرتب على نقصان العدد؛ فإنه يتطرق إليهم الملام في ترك التحفظ والمبالغة فيه، وإن كان المتحفظ قد يغلط، وأما نقصان العدد، فلا يتجه فيه نسبة الشاهدين إلى ما يوجب لوماً، والامتناع من غيرهم، فإن قلنا: إنهم قذفة، فترد شهادتهم، وإن قلنا: لا حدّ عليهما، فلا تردّ شهادتهم.

فرع:

١٢١٧٦ - لو شهد عند القاضي شاهدان، فيما نحن فيه أو في غيره من القضايا، ثم قالا للقاضي - قبل القضاء: توقف! حتى نتثبت في شهادتنا، فلا شك أنه يتوقف، فلو عادا، وقالا: تحققنا ونحن مصران على الشهادة، فهل يحكم؟ فعلى وجهين:

أحدهما - يحكم؛ لأنهما لم يرجعا بل توقفا، ثم استمرا.

والثاني - لا يحكم؛ لأن ما قالاه أورث ريبة في الشهادة.

ولا خلاف أنهما لو رجعا، ثم عادا، فقالا: غلطنا في الرجوع، فلا يقبل منهما، فإن قلنا: إذا استمرا بعد التوقف، فللقاضي أن يقضي، فهل يكلفهما إنشاء الشهادة؟ فعلى وجهين لا يخفى توجيههما. هذا في الرجوع قبل القضاء.

١٢١٧٧ - فأما إذا فرض رجوع الشهود بعد القضاء، وقبل الاستيفاء، فرجوع شهود المال في هذا الوقت لا يوجب نقض القضاء، بل يتمادى القاضي، ويُلزم المشهود عليه إيفاء ما ثبت عليه من المال.

ولو كانت الشهادة فيما يوجب عقوبة، فإذا قضى القاضي بوجوب العقوبة، فرجع الشهود قبل استيفائها، ففي المسألة ثلاثة أوجه، ذكرها الشيخ أبو علي وغيره: أحد الوجوه - أن القاضي لا يستوفي العقوبة؛ فإنها حَرِيَّةٌ بالدرء، ويبعد أن يُريق القاضي دماً، ولا حجة على الاقتران بإراقته.

والوجه الثاني - أنه يستوفي العقوبات؛ فإن الشهود رجعوا بعد القضاء، وما استحق استيفاؤه كالمستوفَى.