للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثالث - أن ما يجب حقاً للآدمي لا يسقط كالقصاص وحدِّ القذف، وما يجب حقاً لله من العقوبات يسقط؛ فإن رجوع الشهود لا ينحط عن رجوع المقر، ومن أقر بموجب حدٍّ لله، ثم رجع، سقط الحد عنه، وهذا حسن متجه؛ إذ لا خلاف في الإقرار.

ولو فسق الشهود قبل القضاء، أو بعد القضاء وقبل الاستيفاء، ففسقهم كرجوعهم في كل ما ذكرناه.

١٢١٧٨ - فأما إذا رجع الشهود بعد استيفاء العقوبات: [كأنْ] (١) شهدوا بالقصاص، فاقتُصَّ من المشهود عليه، أو شهدوا بالزنا على محصن، فرجم، أو على شخص بالسرقة، فقُطع، أو على بِكْر بالزنا فجُلِد ومات، فإذا رجعوا بعد وقوع العقوبات، فلهم أحوال في الرجوع: إحداها - أن يقولوا: تعمّدنا، وعلمنا أنه يقتل بشهادتنا، فيجب عليهم القَوَدُ، وعَقْد الباب أنهم بمثابة المباشرين للقتل، وكل ما لو باشره وحصل التلف به، وجب عليه القود، فإذا وقع التلف بموجَب شهادته، وجب عليه القود، خلافاً لأبي حنيفة (٢).

ولو قالوا أخطانأ (٣)، وذكروا وجهاً، أو أطلقوا وصف الرجوع بالخطأ، فلا قصاص، وقد يرى القاضي تعزيرهم؛ من جهة ترك التحفظ، والغُرم يجب في مالهم؛ فإنه ثبت بإقرارهم، إلا أن تصدّقهم العاقلة، ففيه شيء سأنبه عليه، إن شاء الله.

ولو قال بعضهم (٤): تعمدت، وقال الباقون: أخطأنا، لم يجب القود على المعترف بالعمد؛ فإن القتل على حكم الأقارير وقع بعمدٍ وخطأ، ولا قصاص على العامد إذا كان شريكه مخطئاً، ولو قال كل واحد منهم: تعمدت وأخطأ أصحابي،


(١) زيادة من المحقق، اقتضاها السياق، حيث سقطت من النسختين.
(٢) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٦٣ مسألة ١٤٩٩، المبسوط: ١٦/ ١٧٨.
(٣) هذه هي الثانية من الحالات الثلاث.
(٤) هذه هي الحالة الثالثة.