للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العتق بدخول الدار شاهدان، وشهد على الدخول آخران، ثم رجعوا بعد نفوذ القضاء، فهل يجب على اللذين شهدوا على وجود (١) الصفة غرمٌ؟ فعلى وجهين. فإن قلنا: شهود الإحصان لا يغرمون إذا رجعوا، فلا كلام. وإن غرّمناهم، أوجبنا القصاص عليهم حيث يجب القصاص، ثم كم يغرّمون إذا رجعوا ورجع شهود الزنا؟ فعلى وجهين: أحدهما - يغرمون نصف الدية، لأن لحدّ الزنا ركنين: الزنا، والإحصان.

والثاني - عليهم ثلث الغرم، لأن الإحصان يثبت بشاهدين والزنا لا يثبت إلا بأربعة، فهم يقعون في مراتب الشهادات ثُلُثَ الشهود، هذا أحد الأصلين.

والأصل الآخر - أنه إذا شهد على شيء عددٌ أكثر من العدد المشروط فيه، ثم رجع من زاد على العدد؛ فنقول أولاً: إن رجع كلهم، فالغرم مفضوض على جميعهم، ولا فرق بين أن يرجعوا بأجمعهم معاً، وبين أن يرجعوا واحداً واحداً، فإذا تكامل الرجوع، فالغرم على الجميع.

فأما إذا رجع من الشهود من لا ينخرم به العدد المشروط، مثل أن يشهد خمسة على الزنا، أو ثلاثة على غيره، ثم رجع الزائد، وبقي العدد الذي به الاستقلال؛ فهل يجب على الراجع شيء في هذه الصورة؟ فعلى قولين: أحدهما - رواه البويطي، واختاره المزني أنه يُغَرَّم.

والثاني - وهو [المشهور] (٢) أنه لا يغرّم، وبه قال أبو حنيفة (٣)، والتوجيه هيّن.

وإذا ثبت الأصلان، خضنا بعدهما في تفريع المسائل.

١٢١٨٢ - فلو شهد أربعة على الزنا، واثنان سواهم على الإحصان، فلو رجع أحد شاهدي الإحصان، فإن قلنا: لا غرم، فلا كلام. وإن قلنا: يجب الضمان على شهود الإحصان إذا رجعوا بفرع النصف والثلث، فعلى الراجع على قول النصف ربع الغرم، وعلى قول الثلث سدس الغرم.


(١) ت ٥: " وجوب ".
(٢) في الأصل: " المشروط "، والمثبت من (ت ٥).
(٣) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٣٦٥ مسألة ١٥٠٠، المبسوط: ١٦/ ١٨٧.