للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمعنى أن المقتدي متابعٌ لإمامه في التأمين؛ فإنه ليس يؤمّن لقراءة نفسه، وإنما يؤمّن بسبب انتهاء قراءة إمامه، فليتبعه في الجهر، كما يتبعه في أصل التأمين.

واعتمد أئمتنا من القولين هذا، ولم يَرَوْا في حديث أبي هريرة متعلقاً؛ فإن الناس إذا كثروا وأسمع كل واحد نفسه معاً، فيحصل من مجموع أصواتهم هينمة (١) وضجة، فيمكن أن يحمل الحديث على ذلك.

ومن أصحابنا من قال: إن لم يجهر الإمام بالتأمين في الصلاة الجهرية، جهر به المقتدي قولاً واحداً. وإن جهر الإمام، فهل يجهر المأموم؛ فعلى قولين، وهذا التفصيل ذكره العراقيون، وكان شيخي لا يراه ولا يذكره.

ويمكن توجيه ما فصلوه من القاعدة التي نبهنا عليها في التأمين، وما فيه من رعاية التبعية.

٨٣٧ - وذكر العراقيون طريقة أخرى، وقالوا: من أئمتنا من قال: ليست المسألة على قولين، والنّصان منزلان على حالين، - فحيث قال: "لا يجهر المأموم"، إذا قلّ المقتدون، وقربوا من الإمام، أو صغر المسجد، وكان القوم يبلغهم صوتُ الإمام، فإذا أسمعهم، كفى ذلك لمن سمعوه، كأصل القراءة. وإن كَبِر المسجد، وكان صوت الإمام لا يبلغ الجمع، فنؤثر للمقتدين أن يرفعوا أصواتهم حتى تبلغ أصواتُ الأقربين الأباعدَ. ثم لا يختص استحباب الرفع بقوم، بل نؤثر للجميع.

فهذا منتهى القول في ذلك.

٨٣٨ - ثم كان شيخي يقول: ينبغي للمقتدي أن يترصد فراغ الإمام عن قوله: "ولا الضالين"، فيبادر التأمينَ حينئذ، فيقع تأمينُه مع تأمين الإمام، وكان يقول: لا تستحب مساوقة الإمام ومقارنته في شيءٍ إلاّ في هذا؛ فإن النبيّ صلى الله عليه


= الصلاح، والتي تفيد أن ابن الصلاح يضعف الزيادة كاملة. (ر. التنقيح للنووي، ومشكل
الوسيط لابن الصلاح - كلاهما بهامش الوسيط: ٢/ ١٢٠، ١٢٢).
(١) "الهينمة" الكلام الخفي، غير البين، من قولهم: هينم فلان. إذا دعا الله، وأخفى كلامه. (المعجم).