١٢٢١٢ - ولنا نظر وبحث في المدعي والمدعى عليه نذكره بعد نجاز قاعدةٍ نمهدها.
فنقول: التداعي يفرض على ثلاثة أوجه: أحدها - أن يكون جارياً بين صاحب يد وبين من لا يد له، وصاحب اليد يسمى في اصطلاح الفقهاء الداخل، ومن لا يد له يسمى الخارج بالإضافة إلى الداخل. والوجه الثاني - فرض التداعي بين اثنين في عينٍ تحت أيديهما على الاشتراك. والثالث - فرض دعويين على التناقض من خارجين على صاحب يد، وذلك إذا ادعى رجلان ملكَ دار، كل واحد منهما يدعيها لنفسه.
وإذا نحن مهدنا قواعد الكتاب في هذه الأقسام، كنا مقيمين رسمَنا في تمهيد قاعدة كل كتاب في أوله.
[القسم الأول](١)
١٢٢١٣ - فنبدأ بالتداعي من الداخل والخارج، فإذا ادعى رجل داراً هي في يد رجل، فأنكر صاحب اليد دعوى المدعي فالخارج في مقام المدعين، وصاحب اليد سماه الفقهاء مدعىً عليه، فالخصومة لا تخلو: إما أن تكون عريةً عن البينة، وإما أن تفرض فيها بيّنة، فإن لم تكن بينة، فالقول قول صاحب اليد مع يمينه. وإنما صدقه الشرع لقوة جانبه، وظهورِ صدقه؛ إذ اليدُ عاضدة فلما رجَّحتْ جَنْبَتَه، قدمه الشرع، ثم لم يكتف باعتضاده باليد، بل ألزمه اليمينَ إن أراد دفعَ الدعوى، وصاحب اليد حيث لا بينة بمثابة المدعى عليه في الدين إذا كان ينكره، فالقول قوله لاستمساكه بأصل براءة الذمة، واليد عند المحصلين أظهر وأقوى، وأولى بالتقوية من الاستمساك ببراءة الذمة؛ فإن اليدَ علامةٌ على الاختصاص، إن لم تكن دالة على الملك بمجردها، وليس للمدعى عليه في الدين دلالة على براءة الذمة، وإنما تعلقه باستصحاب حال - وهو أوهى المتعلقات، إذا سُبرت الأمارات، وخُبرت العلامات.
(١) سمّى الإمام صورَ التداعي أوجهاً، وعاد وسماها أقساماً، فوضعنا هذا العنوان عملاً بما استقرّ عليه تلقيب الإمام.