٨٤٤ - ثم القدْر الذي تقع قراءة الفاتحة فيه من القيام مفروضٌ، وإذا مدّ المصلّي القيامَ، وزاد على ما يحوي قراءة الفاتحة، فقد ذكر الشيخ أبو علي وجهين في أنّا هل نحكم بأن جميع القيام فرض أم لا؟ وبنى هذين الوجهين على الوجهين، في أن من يستوعب رأسه بالمسح، فهل نقول: جميع المسح وقع فرضاً، أم لا؟
وهذا عندي كلام خارج عن ضبط الفقه؛ فإنه إذا جاز الاقتصار على ما يقع عليه اسم المسح، فكيف ينتظم القول بأن الزائد عليه فرض؟ ولولا تعرض هذا الإمام لحكاية هذا، وإلا كنت لا أرى ذكره.
ثم إن تخيل متخيل ذلك، فشرطه عندي، أنه لو أوصل الماء إلى رأسه دفعة واحدة بحيث لا يفرض تقدّم جزءٍ على جزء، فليس جزء من هذا أولى من جزء بأن يضاف الفرض إلى المسح الواقع به، فاعتقد معتقدون أن جميعَه يقع فرضاً، وهذا بعيدٌ في هذه الصورة التي تكلّفنا في تصويرها أيضاً.
فأما إذا أوصل الماء شيئاًً فشيئاًً إلى رأسه حتى استوعبه بالمسح، فتخيل الفريضة في الأجزاء التي وصل الماء إليها بعد الجزء الأول محال.
فأما القيام، فإذا قرأ المصلّي الفاتحة قائماً، ثم مدّ القيام بعد ذلك، فوصف القيام بعد تقدم القراءة بالفرضية لا يقبله محصل، وكيف يوصف بالفرضية ما جاز تركه، وهو متميز عما تقدم محلاً للقراءة المفروضة؟
نعم إن خلا أول القيام من قراءة الفاتحة، ثم افتتح المصلّي القراءة، فما هو محل القراءة مفروض أعني: قراءة الفاتحة، وما تقدم عليه فيه احتمال، من جهة أنه كان يتأتى إيقاع قراءة الفاتحة فيه، وكان لا يسوغ قطعه قبل جريان القراءة. فأما ما يقع بعد القراءة من القيام، فلا معنى لوصفه بالفرضية.
٨٤٥ - ومما نذكره في القيام، أن بعض الناس قد يعتاد أن يتحرك قليلاً في صوب الركوع، وينحني قليلاً، ثم يرتفع، فمهما زايل الاعتدالَ، وأوقع في حال زواله حرفاً من قراءته الواجبة، فلا يعتد بذلك الواقع خارجاً عن اعتدال القيام. ولو كان يفعل ذلك، ويعود قبل اشتغاله بالقراءة المفروضة، فإن كان ينتهي إلى حدّ الركوع ويعود،