فهذا يُفسد الصلاة عمداً؛ فإنه زيادة ركوع في الصلاة، وسيأتي شرح ذلك. وإن كان يزايل حد اعتدال القيام ويعود، وكان لا ينتهي إلى حد الراكعين، فهذا فيه ترددٌ عندي، والظاهر أنه يُبطل الصلاة، وإن لم يبلغ حد الكثرة في الأفعال؛ لأنه يُعدد القومات في ركعة واحدة، فيصير كما لو عدد الركوع في ركعة؛ فإن من خرج عن الاعتدال، فليس قائماً القيام المعتد به، فإذا عاد، كان ذلك قياماً جديداً، وهو يقرب عندي من انحراف الرجل قصداً عن قُبالة القبلة، وقد ذكرت أن ذلك مبطلاً (١) للصلاة؛ فالخروج عن السمت المرعي في القيام ينزل هذه المنزلة.
وسمعت شيخي يجعل الانحناء الذي لا ينتهي إلى الركوع بمثابة الأفعال، فإن قلَّ زمانه، لم يضر، وإن كثر، فهو كالفعل الكثير، وهذا بعيد جداً.
٨٤٦ - ونحن نبتدىء الآن تفصيل القول في الركوع، فنذكر أقله، ثم نذكر أكمله وأفضله.
فأما الأقل، فإنه يعتمد أمرين: أحدهما - الانحناء إلى الحد الذي نذكره، والثاني - الطمأنينة، أما الانحناء، فأقلّه أن ينحني حتى ينتهي إلى حدّ لو مد يديه نالت راحتاه ركبتيه، وينبغي أن ينتهي إلى هذا في الانحناء، فلو كان بلوغه لانخناسه وإخراجه ركبتيه وهو مائل شاخص، فهذا ليس بركوع، ولا يخفى ذلك، ولكن مزَجَ انحناءَه بهذه الهيئة، ولم يجرد انحناءه، فوصل إلى ما ذكرناه بهما، فلم يعتد بما جاء به، فليكن بلوغ الحد المذكور بالانحناء.
٨٤٧ - فأما الطمأنينة في الركوع، فلا بد منها، ولا تصح الصلاة دونها، ثم ليس المعنيُّ منها لُبثاً ظاهراً، ولكن ينبغي أن يفصل الراكع منتهى هُويه عن حركاته في ارتفاعه، ولو بلحظة؛ فإذا فعل ذلك، فقد اطمأن، وإن لم ينفصل آخرُ حركات هُويه عن أول حركات ارتفاعه، بل اتصل الآخر بالأوّل، فهذا رجل لم يطمئن.
ومما يتمّ به هذا التحقيق، أن الراكع لو جاوز أقلّ الحد في الهوي والخفض،
(١) كذا في النسخ الأربع. مبطلاً، ولا أدري له وجهاً إلا على تقدير سقوط لفظة مثل: يُعد. ثم جاءتنا (ل) وفيها: "مبطل".