١٢٢٧٦ - البينة إذا شهدت على الملك في الحال، فمن ضرورتها أن يتضمن تقدم الملك على الوقت الذي تقع الشهادة فيه ساعة لطيفة؛ فإنها لا تنشىء إيقاعاً للملك وإنما تُخبر، وإذا حصل الملك مُخبَراً عنه في الحال، فلا بد من ارتباطه بمتقدم، بحيث يتصور انتقال الملك فيه بسبب من الأسباب، ثم هذا التقدم الذي ذكرناه يقع الاكتفاء فيه بلحظة لا تقدّر، ولا تُميّز بالحس، حتى لو ادعى شاة، وأقام على دعواه بينة، وكانت قد نُتجت تلك الشاة قبيل تلك الساعة، فلا يقضى له بالنتاج، فتبين بهذا أن هذا التقدم الذي قدرناه ليس زماناً محققاً محسوساً، ومسألة النتاج شاهدة في ذلك، منبهة على الغرض.
وإن أقام المدعي بينةً، فعلقت الشاة ووضعت الحمل قبل تعديل البينة، ثم عُدِّلت البينة، فالنتاج للمدعي؛ فإن التعديل يستند إلى وقت قيام الشهادة، وهذا بين.
ومما أجراه الأصحاب على الاتصال بذلك أن قالوا: من ادّعى دابّة حاملاً، وأقام البينة على دعواه، ولم يتعرض لذكر الحمل، فيثبت ملكه في الدابة وحَملِها، كما لو اشتراها؛ فإن الملك يثبت في الحمل، وإن لم يجر ذكره حالة التعاقد.
ولو أشار إلى شجرة مثمرة، وثمرتُها باديةٌ، فادعاها باسم الشجرة، وأشار إليها، وشهدت البينة على حسب الدعوى، فالشجرة تصير مستحقة دون الثمرة؛ فإن الثمرة ليست من أجرام الشجرة، ولذلك لا تتبعها في البيع المطلق بخلاف الحَمْل. وهذا الذي ذكره الأصحاب في الثمرة مستقيم بيّن، وما ذكروه في الحمل ظاهرٌ قياساً على البيع.
وقد يتطرق إلى الحمل في الدعوى والبينة احتمالٌ على بعد؛ فإن الملك يُفرض متبعّضاً في البهيمة وحملها بالوصية، فلا يمتنع أن يدعي البهيمة، ويستثني حملها في دعواه، وأما استتباعُ البهيمةِ الحملَ في البيع، فذاك لأمر يتعلق بمقتضى العقد، فلذلك لا يصح بيع البهيمة دون ولدها على المذهب الظاهر، والاستثناء في الدعوى والإقرار جائز.