للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك الوقت عن الفعل، أو ساكتاً عن القول، والسكون والسكوت يضادان الفعل والقول.

١٢٢٨٤ - فإذا تبين ما ذكرناه، رجعنا بعده إلى تأرخ البينتين بتأريخ واحد في مسألة الشراء. فنقول: الوقت الواحد لا يتعين، فإن تلقي الأصحاب التناقض من العلم بانتفاء أحد القولين، كما حكينا خلاف الأصحاب فيه، فهذا مما يتصور وقوعه، ثم تربط كلُّ بينة شهادتَها بإثبات ما تذكر ونفي ما عداه في ذلك الوقت؛ فإن القولين يتضادان كما يتضاد السكوت والقول، ومراقبة الإنسان ليعلم أنه ليس قائلاً داخلٌ في الإمكان، سيما إذا كان القول المدعى مُظهَراً متعلقاً بمخاطَب يحضر. ودرك حضوره كدرك غيبته. فهذا وجه تصوير التناقض.

فصل

قال: " ولو أقام رجل بينةً أنه اشترى منه هذا العبد ... إلى آخره " (١).

إذا كان في يد إنسان عبد، فجاء رجل، وادعى أن المولى باع ذلك العبدَ منه، وادعى العبدُ أن مولاه أعتقه، وأقام كل واحد بينة على وفق دعواه، فإن تأرخت البينتان، وتعرضت كل واحدة منهما لذكر تاريخ، نُظر، فإن تقدم أحد التاريخين وتأخر الثاني، نفذ ما تأرخ بالتاريخ المتقدم.

وإن عيّنت البينتان وقتاً واحداً -وإمكان تصويره على ما ذكرناه على القرب- فالبينتان متعارضتان، فإن حكمنا بتساقطهما، فكأنْ لا بينة، والقول قول صاحب اليد في العبد مع يمينه، ولا يخفى حكم الحلف، والنكول، والرد، وإن حكمنا بالاستعمال، جرت الأقوال الثلاثة: القرعة، وقد اممدها صاحب التقريب، لاشتمال الواقعة على العتق -وهو مورد الخبر في القرعة- والوقفُ جارٍ، ولا يخفى تصويره، والقسمة جارية أيضاً، فيحكم لمن يدعي الابتياع بالملك في نصفه، ويحكم بالحرية في نصف العبد.


(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٦٥.