للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنسبته إلى ملكه. وهذا لا يشترط في الحكم بنفوذ تصرف المتصرف ظاهراً؛ فإن من فاجأناه يبيع شيئاً من يده، نفذنا بيعه، وكأنّ (١) المكتفى به في تنفيذ البيع يدُ الداخل في الدعاوى، ومن صادفنا شيئاً في يده حالة الدعوى عليه، جعلنا القول قوله مع يمينه.

فإذا تبيّن ذلك عُدنا إلى ما نحن فيه، فنقول: يد الدعوى لا ثبات لها إذا كان الشخص يدعي الحرية الأصلية، فلو تصرف، فلا مستند لتصرفه؛ وعن هذا شرط شارطون إقرار ذلك الشخص بالرق.

ومن أصحابنا من لم يشترط، وإن كان لو أظهر الحرية ودعواها، لكان القول قوله. وكل ذلك في شخص لم نعهده صغيراً في يد إنسان.

١٢٢٨٩ - فأما إذا رأينا صغيراً في يد إنسان، [وكان] (٢) يدعي رقه ويستعبده، فقوله مقبول إذا لم يكن للصبي نطق (٣)، فالحكم بالرق نافذ في الظاهر، واليد ثابتة، وهذا فيه إذا كان لا يعقل عَقْلَ مثله، فإن بلغ مبلغ التمييز، وعقل عَقْلَ مثله، وادعى أنه حر، ذكر أصحابنا وجهين في قبول قوله: أحدهما - أنه لا يقبل؛ إذ لا حكم لقول الصبي، والثاني - يقبل؛ لأنه قال ما قال عن فهم، وهو خير كله ليس فيه توقع ضرار، وأصل الناس على الحرية، وهو ظاهر الدار.

قال القفال: الوجهان مأخوذان من إسلام الصبي؛ من جهة أن الحرية لا ضرر فيها في أصل الوضع، وإن كان يتعلق بها التزامات، فكان ادعاؤه الحرية بمثابة إخباره عن الإسلام، ثم جرى الوجهان مأخوذين من قول الشافعي؛ فإنه قال: " فهو كالثوب إذا كان لا يتكلم " فمن أصحابنا من قال: أراد إذا لم يدّع الحرية. ومنهم من قال: أراد أنه كالثوب من جهة أنه لا كلام له شرعاً، كما أن الثوب لا كلام له حساًَ.

التفريع على الوجهين: إن قلنا: " لا يقبلُ قولُه "، وكان لا يعقل عقل مثله، فبلغ، وادعى أنه حر الأصل، فهل يقبل قوله الآن؟ فعلى وجهين: أحدهما - لا


(١) ت ٥: " فكان له المكتفى به ".
(٢) في الأصل: " فكان ".
(٣) عبارة (ت ٥): " إذا لم يكن للصبي نفوذ الحكم فالرق نافذ ".