للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال: " ولو كان في يديه صبي صغير يقول هو عبدي، فهو كالثوب إذا كان لا يتكلم ... إلى آخره " (١).

١٢٢٨٨ - إذا كان في يد الإنسان شخصٌ بالغ، وكان يصرِّفه كما يشاء، ويستصغره استصغار العبيد، على وجهٍ يغلِّب على الظن أن الأحرار لا يُستصغرون كذلك، فإذا قال: هو ملكي، وقال ذلك الشخص: أنا حر أصلي، فالقول قول ذلك الشخص، لم يختلف الأصحاب فيه، وإن تداولته الأيدي، وجرى عليه البيع والشراء؛ لأن ظاهر الدار الحرية، والأصل في الناس الحرية، ومن يدعيها، فهو مستمسك بالأصل والظاهر.

فإن قيل: أليس تصرف المُلاّك مع استمرار ظاهر اليد دلالة على الملك؟ وقد اجتمعا في هذه المسألة.

قلنا: إنما تدلّ اليد والتصرف على تعيين المالك، مع كون الشيء مملوكاً، فيظهر من اختصاص الإنسان باليد والتصرف، وعدمِ النكير عليه تعيّنُه من بين الناس، وليس ْمع من يدّعي الملك فيه أصل يعتضد به. فأما أصل الملك، فلا يثبت بظاهر التصرف، وعند ذلك قال الأصحاب: إذا اجتمع الظاهر والأصل، فالتعويل على الأصل، فلئن قيل: الحر لا يصرّف كذلك، قلنا: قد ينقاد الخادم للمخدوم بما ينقاد بمثله العبيد؛ فلا تعويل على ذلك. فإن قيل: أليس ينفذ تصرفه وإن لم يُبد ذلك الشخص إقراراً بالرق؟ قلنا: ذهب بعض أصحابنا إلى اشتراط الإقرار بالملك، وكان شيخي يميل إليه في الفتوى.

ونحن نذكر في ذلك أصلاً، فنقول: لا يشترط في نفوذ التصرف فيما الأصل فيه الملك المقدارُ الذي يدل على الملك؛ فإن دلالة الملك لا تثبت إلا بدوام اليد وتصرفاتٍ، مع فرض انتشارٍ وعدم إنكار، وقد يشترط مع ذلك شيوعُ تفاوض الناس


(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٦٥.