للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجاء مدعٍ، وقال: هذا ولد أمتي. واقتصر على ذلك، فلا نقبل دعواه، ولا نسمع بينة على هذا المقدار؛ فإنه لم يدّع ملكاً وحقاً، إذ قد تلد أمتُه في غير ملكه، وفي غير يده، على معنى أن أمتي ولدته قبل أن ملكتُ أمتي، وقبل أن تثبت يدي عليها.

ولو قال: ولدته أمتي في ملكي، فقوله " في ملكي " محتمل، فإن أراد به ولدته والولد في ملكي؛ فقد ادعى ملكَ الولد، ولكن لم يدّع ملكَ الولد الآن، وإنما ادعى ملكَه حالة الولادة، فإذا أقام على ذلك بينة، ولم تتعرض البينة لملك الحال، فهذا يخرج على القولين في ملك أمس، ولا فرق.

وإن قال: ولدته جاريتي في ملكي، وفسّر ذلك بكون الجارية مملوكة له عند الولادة، فنقول: قد تكون الجارية مملوكة له، والولد لغيره، ويتصور ذلك في الوصية، وقد يكون الولد حراً، فليس فيما ذكره دعوى ملك (١) في الولد، ولكنه ادعى حصول الولد في يده، ثم ادعى يدأ في زمان سابق، فيجري فيه القولان في دعوى اليد السابقة كما جريا في الملك.

وقد يخطُر في هذا المقام أنه إذا ادعى الملك في أمها، أو هو (٢) ثابت له بلا نزاع، فينبغي أن يلتحق ذلك بما إذا ادعى جاريةً حاملاً، فإنه يكون مدعياً بحملها أيضاً، وهذا فقيه، ولكن ذكرنا فيه احتمالَاّ، وهذه الصورة تتميز عن تيك من جهة أنه أفرد الولد بالدعوى في هذه المسألة. وفي التي تقدمت وجّه الدعوى على الأم، فتبع الولد. ثم ليس تخلو المسألة عن ادعاء الملك فيما مضى، وإن ادعى الملك في الحال أغنانا عن كل هذا التفصيل، واعتمدنا دعواه في الملك الناجز.

فهذا تحصيل القول في هذه المسألة. ومن اطلع عليه لم يسترب في أن ما عداه وهم.


(١) ت ٥: " ملكية ".
(٢) ت ٥: " وهو ".