للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا فرق عندنا بين هذه المسألة وبين مسألة المشتري؛ والفرق إن أمكن، فوجهه أن من اشترى داراً من يد إنسان، فالظاهر الملك، والإقرار بالملك مبني على هذا الظاهر، وصاحبه مقر بالملك بناء على الظاهر، فعُذِر إذا بأن خلاف الظاهر، وقُبل منه قوله: إنما أقررت لأني ظننت أن البائع مالك بحكم يده وتصرفه، فأما في الجارية، فلا ظاهر يعتمد في ثبوت رقها، فإذا قال المشتري: إنها رقيقة حُمل ذلك على تثبت منه، لا على الظاهر.

ولا بأس بهذا الفرق، والأولى إجراء الخلاف في المسألتين.

فصل

١٢٢٩٨ - ذكر الشيخ في شرح الفروع مسائل، سبق بعضها في الوصايا، ولكنا نعيدها للزوائد فيها.

فمنها: أن رجلاً لو مات وخفف ابناً لا وارث له سواه، وخلف عبداً قيمته ألف، لم يخلف سواه، فجاء إنسان وادعى أن أباه أوصى له بثلث ماله، وجاء آخر، وادعى أن له على أبيه ألف درهم، فصدّقهما معاً، ولم يقدّم أحدهما في التصديق على الثاني.

قال ابن الحداد ومعظم الأئمة في هذه المسألة: صاحب الدَّيْن يضرب في العبد بألف درهم، وصاحب الوصية يضرب فيه بثُلث الألف، فنزيد على الألف ثُلثَه عولاً، فيصير الثلث ربعاً، ويقسم العبد بين الوصية والدين أرباعاً.

فإن قيل: أليس الدينُ مقدماً على الوصية؟ قلنا: نعم هو كذلك، ولكن الدين ثبت بإقرار الوارث، والوصية ثبتت بإقراره، والمسألة مفروضة فيه إذا كان صاحب الوصية يكذّب مدعي الدين ومستحق الدين يكذّب مدّعي الوصية.

وحكى الشيخ وجهاً غريباً، أنه إذا صدقهما جميعاً، فيصرف تمام العبد إلى الدين وتسقط الوصية. وهذا غريب. والمذهب ما قدمناه؛ إذ لا خلاف أنه لو أقر بالوصية أولاً، ثم أقر بالدين بعد ذلك، وتكاذب صاحب الوصية والدين فالوصية بكمالها